قصيدة ( شـــــــــــــــــت آب )
قصيدة تبرز صورة الحاكم المستبد
في نموذج يحاكي واقعنا السياسي المرير
في وطننا العربي الكبير
...................................
لمـبـدع الشـعـر السياسي
الشاعر / أحمد مـطـر
................................
أنــــا السـبـــبْ
في كل ما جرى لكم
يا أيها العـــــــربْ
سلبتُكم أنهاركم
والتين والزيتون والعنبْ
أنا الذي اغتصبتُ أرضكم
وعرضكم ، وكل غالٍ عندكم
أنا الذي طردتُكم
من هضْبة الجولان والجليل والنقبْ
والقدسُ ، في ضياعها ، كنتُ أنا السببْ
نعم أنا .. أنا السببْ
أنا الذي لما أتيتُ
المسجدُ الأقصى ذهبْ
أنا الذي أمرتُ جيشي في الحروب كلها
بالانسحاب فانسحبْ
أنا الذي هزمتُكم
أنا الذي شردتُكم
وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ
أنا الذي كنتُ أقول للذي
يفتح منكم فمهُ
" شــــتْ آب "
نعم أنا .. أنا السببْ
في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ
وكلُ من قال لكم غير الذي أقولهُ
فقد كذبْ
فمن لأرضكم سلبْ ؟!
ومن لمالكم نهبْ ؟!
ومن سواي مثلما اغتصبتكم قد اغتصبْ ؟!
أقولها صريحة
بكل ما أوتيتُ من وقاحةٍ وجرأةٍ
وقلةٍ في الذوق والأدبْ
أنا الذي أخذتُ منكم كل ما هب ودبْ
ولا أخاف أحدا
ألستُ رغم أنفكم
أنا الزعيمُ المنتخبْ !؟
لم ينتخبني أحد لكنني
إذا طلبتُ منكم
في ذات يوم ، طلبا
هل يستطيع واحد
أن يرفض الطلبْ ؟!
أشنقــهُ ، أقتلــــهُ
أجعلهُ يغوص في دمائه حتى الرُكبْ
فلتقبلوني ، هكذا كما أنا
أو فاشربوا " بحر العربْ "
ما دام لم يعجبْكم العجبْ
مني ، ولا الصيامُ في رجبْ
ولتغضبوا إذا استطعتم بعدما
قتلتُ في نفوسكم روح التحدي والغضبْ
وبعدما شجعتكم على الفسوق والمجون والطربْ
وبعدما أقنعتكم أن المظاهرات فوضى ليس إلا ..
أو شغبْ
وبعدما علمتكم أن السكوت من ذهبْ
وبعدما حولتُكم إلى جليدٍ وحديدٍ وخشبْ
وبعدما أرهقتُكم
وبعدما أتعبتُكم
حتى قضى عليكمُ الإرهاقُ والتعبْ
يا من غدوتم في يدي كالدُمى وكاللعبْ
نعم أنا .. أنا السببْ
في كل ما جرى لكم
فلتشتموني في الفضائيات
إن أردتم والخطبْ
وادعوا علي في صلاتكم ورددوا
" تبت يداهُ مثلما تبت يدا أبي لهبْ "
قولوا بأني خائن لكم
وكلب وابن كلبْ
ماذا يضيرني أنا ؟!
ما دام كل واحدٍ في بيته
يريد أن يسقطني بصوته
وبالضجيج والصخبْ ؟!
أنا هنا ، ما زلتُ أحمل الألقاب كلها
وأحملُ الرتبْ
أُطلُ ، كالثعبان ، من جحري عليكم
فإذا ما غاب رأسي لحظة ، ظل الذنبْ !
فلتشعلوا النيران حولي واملأوها بالحطبْ
إذا أردتم أن أولي بالفرار والهربْ
وحينها ستعرفون ، ربما
من الذي في كل ما جرى لكم
كــــان السبـبْ !؟