من روائع المعارضات في الشعر العربي.
الحصري القيرواني:
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه .. أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ
رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه .. أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ
فبكاهُ النجمُ ورقَّ له .. ممّا يرعاه ويرْصُدهُ
كلِفٌ بغزالٍ ذِي هَيَفٍ .. خوفُ الواشين يشرّدهُ
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً .. في النّومِ فعزَّ تصيُّدهُ
وكفى عجباً أَنِّي قنصٌ .. للسِّرب سبانِي أغْيَدهُ
صنمٌ للفتنةٍ منتصبٌ .. أهواهُ ولا أتعبَّدُهُ
صاحٍ والخمرُ جَنَى فمِهِ .. سكرانُ اللحظ مُعرْبدُهُ
ينضُو مِنْ مُقْلتِه سيْفاً .. وكأَنَّ نُعاساً يُغْمدُهُ
فيُريقُ دمَ العشّاقِ به .. والويلُ لمن يتقلّدهُ
كلّا لا ذنْبَ لمن قَتَلَتْ .. عيناه ولم تَقتُلْ يدهُ
يا من جَحَدتْ عيناه .. دمِي وعلى خدَّيْه توَرُّدهُ
خدّاكَ قد اِعْتَرَفا بدمِي .. فعلامَ جفونُك تجْحَدهُ
إنّي لأُعيذُكَ من قَتْلِي .. وأظُنُّك لا تَتَعمَّدهُ
باللّه هَبِ المشتاق كَرَى .. فلعَلَّ خيالَكَ يِسْعِدهُ
ما ضَرَّك لو داوَيْتَ ضَنَى .. صَبٍّ يُدْنيكَ وتُبْعِدهُ
لم يُبْقِ هواك له رَمَقا .. فلْيَبْكِ عليه عُوَّدُهُ
وغداً يَقْضِي أو بَعْدَ غَدٍ .. هل مِنْ نَظَرٍ يتَزَوَّدهُ
يا أهْلَ الشوقِ لنا شَرَقٌ .. بالدّمعِ يَفيضُ مَوْرِدُهُ
يهْوى المُشْتاقُ لقاءَكُمُ .. وظروفُ الدَّهْرِ تُبَعِّدهُ
ما أحلى الوَصْلَ وأَعْذَبهُ .. لولا الأيّامُ تُنَكِّدهُ
بالبَينِ وبالهجرانِ فيا .. لِفُؤَادِي كيف تَجَلُّدهُ
أحمد شوقي:
مضناك جفاه مرقده .. و بكاه و رحم عوّده
حيران القلب معذبه .. مقروح الجفن مسهده
يستهوي الورق تأوهه .. و يذيب الصخر تنهده
و يناجي النجم و يتعبه .. و يقيم الليل و يقعده
الحسن حلفت بيوسفه .. و السورة أنك مفرده
وتمنت كل مقطعة .. يدها لو تبعث تشهده
جحدت عيناك زكي دمي .. أكذلك خدك يجحده
قد عز شهودي إذا رمتا .. فأشرت لخدك أشهده
بيني في الحب و بينك ما .. لا يقدر واش يفسده
ما بال العاذل يفتح لي .. باب السلوان و أوصده
ويقول تكاد تجنّ به .. فأقول وأوشك أعبده
مولاي و روحي في يده .. قد ضيعها ، سلمت يده
ناقوس القلب يدق له .. و حنايا الأضلع معبده
قسما بثنايا لؤلؤه .. قسم الياقوت منضده
ما خنت هواك ولا خطرت .. سلوى بالقلب تبرده