من لاميةُ العرب للشنفرى وتسمى أيضا (بنشيد الصحراء) وهي من البحر الطويل.. ومن أقوى القصائد الجاهلية، بل وتزاحم المعلقات وليست منها.
والشنفرى بمعنى (صاحب الشفاه الغليظة) وهو ثابت بن أواس بن الحجر الأزدي من شعراء الصعاليك بالجاهلية.
عرفت بلامية العرب، دون سواها من لاميات الجاهليين، بسبب تناول المشاهير من الأدباء والنحاة بالشرح والتحليل،وقد ترجمت إلى جميع لغات العالم تقريبا.. ولعل من أسباب ولع الأدباء والمستشرقين بها، جزالة ألفاظها، وتعبيرها الصادق عن حياة العربي.. وأخلاقه زمن الجاهلية، وعن حياة الصعاليك على وجه الخصوص.
ومطلعها..
أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ
فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ
فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ
وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى
وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ
(أقيموا بني أمي صدور مطيكُم.. فإنني....
نعم.... هكذا تتكلم العرب)
بنو الأم هم الأشقاء أو غيرهم ما دامت تجمعهم الأم ، واختار هذه الصلة لأنها أقرب الصلات إلى العاطفة والمودة .
والمطيّ.. ما يُمتَطى من الحيوان، والمقصود بها، هنا، الإبل..
*ولنا هنا وقفة..
[في اللغة العربية احيانا قد يسمى الشيء بجزءِه لكونه أهمه.. كما يسمى مثلا الجاسوس _ عينًا لان اهم شيء فيه هي عينه..
والمقصود بإقامة صدورها أي التهيؤ للرحيل وصدور جمع صدر
والشاعر يشير إلى عشيرته.. فلا مقام لهم بعد رحيله.. ولا مفر منه ، فتهيؤوا لذلكم الرحيل.. وكونوا جادين في أمركم، متأهبين.
وقوم هو اسم جمع ولامفرد له لفظا.. والكلمة التي لامفرد لها من لفظها يقال لها اسم جمع مثل (نساء _امرأة) ٠٠وهكذا]
حُمَّت أي دبَّرت.
والطِّيَّات: جمع الطِّيَّة ، وهي الحاجة، وقيل هي الجهة التي يقصد إليها المسافر، وتقول العرب مضَى فلان لطيَّته، أي لنيته التي انتواها. الأرحل: جمع الرحل، وهو ما يوضع على ظهر البعير.. جمع رحل وهو بمنزلة السرج للفرس.. ولكن للحمار لايسمى سرجا.. ولكن يسمى إيكافًا
وقوله والليل مقمر كناية عن تفكيره بالرحيل في هدوء ، أو أنه أمر لا يراد إخفاؤه.
الارض تجمع أُرُوض على وزن فعول وأراضٍ وأرضون وأراضين.. وقال الجوهري أرضات لأنهم قد يجمعون المؤنث التي ليست فيه هاء التأنيث بالألف والتاء.
ولم تأتي في القرآن الكريم ابدا بالجمع.. ولكن جاءت في الحديث النبوي والقدسي أرضين.
والمَنأى أي المكان البعيد.
القِلى أي البغض والكراهية.
المتعزِّل: المكان لمن يعتزل الناس.
والبيت فيه حكمة.. ومعناه أن الكريم يستطيع أن يتجنب الذل ، فيهاجر إلى مكان بعيد عمن يُنتظر منهم الذل ،
كما أن اعتزال الناس أفضل من احتمال أذيتهم..
وأخشى ان أطيل عليكم فتملوا حديثي..
فدعوت ربي ان يقدر لنا تجديد اللقاء.