في رثاء زعيم الأدب مصطفي لطفي المنفلوطي:
أبْكيكَ يا أيها الزعيمُ من فَقدِي
وأُطلقُ العبراتِ علَّها تُجدِي
لن أرحمَ العينَ إن جَفتْ مدامِعُها
لا يرحمُ اللهُ دمعا جَفَّ من خَدِّي
المنفلوطيُّ هذا كنتُ أقصِدُه
صهرَ البلاغةِ وابنَ الشّعرِ والنّقدِ
يكفيكَ دَمعُ قلوبٍ تزرفُ العِبَرَ
قد غمَّها خبرُ الوفاةِ بالنّكدِ
يكفي رثاءُ أديبِ الشعرِ في جزعٍ
قد قالَ شوقي قصيدةً كوتْ كبدِي
وحافظٌ قد قامَ يمسحُ الدمعَ
بمثلها أبكي الحضورَ من جَلدِ
فما عساني أقولُ فيك يا بَطلُ
وما بكائي عليك بالذي يُجدِي
حقٌ علي المرءِ أن يبكي متي فُقِدَ
له عزيزٌ فكيفَ بذلك الأسدِ
قد راحتِ الأوطانُ بعدُ خاليةً
من فَقْدِ حامي بقايا الشّعرِ في بلدِي
فقمتُ أملأُها بعدَ الفراغِ بما
قرأتُ عنه وما قدْ كانَ في غِمدي
لكنْ رأيتُ الناسَ غيرَ حافلةٍ
بعيدةً عن علمِه وفي زهْدِ
قد فاتهم نصفُ العلومِ من حيثُ
لم يدرِ فردٌ هل يبقي إلي الغدِ
مات الأديبُ فصيحُ القومِ من عربٍ
وأسبقُ الناسِ بالإحسانِ والمجدِ
هذا الأديبُ إذا ما كنتَ تجهلُهُ
فالناسُ تعرِفُه بالفضلِ للأبدِ
فليرحمِ اللهُ هذا المنفلوطيُّ
ما ظلَّ في الناسِ فضلُهُ علي أحدِ
____________________
عبد الحليم أحمد