نادرةٌ لطيفة
.
كانَ أبو جعفر المنصور أيامَ بني أميةَ إذا دخلَ البصرةَ دخلَ مُتَكَتِّماً
.
وكانَ يجلسُ في حلقةِ أزهر السَّمَّان المحدِّث ، فلمَّا أفْضَتْ إليه الخلافةُ
.
قَدِمَ أزهرُ عليه ، فرحَّبَ به وقَرَّبَه ، وقال : ما حاجَتُكَ يا أزهر ؟
.
فقال : يا أميرَ المؤمنين داري مُتَهَدِّمةٌ وعليَّ أربعةُ آلافِ دِرهمٍ
.
وأريدُ أُزَوِّجُ ابني محمداً ، فوصلَه باثني عشر ألفِ درهم ،
.
وقال : قد قَضينا حاجَتَك يا أزهر فلا تَأْتِنا بعدَ هذا طالباً ،
.
فأخذَها وارْتَحَلَ ، فلما كان بعدَ سنةٍ أتاه ،
.
فقال له أبو جعفر : ما حاجتُك يا أزهر ؟
.
قال : جئْتُ مُسَلِّماً
.
فقال : لا والله بل جِئتَ طالباً ، وقد أمرْنا لكَ باثني عشر ألفاً ،
.
فلا تأتِنا طالباً ولا مُسَلِّماً ، فأخذَها ومَضَى ، فلمَّا كان بعدَ سنةٍ أتاه ،
.
فقال : ما حاجتُك يا أزهر ؟
.
قال : أتيتُ عائِداً ،
.
فقال : لا والله بل جئتَ طالباً ، وقد أمرنا لكَ باثني عشر ألفاً ،
.
فاذهبْ ولا تأتِنا بعدُ طالباً ولا مُسَلِّماً ولا عائداً ، فأخذَها وانصرفَ ،
.
فلما مَضَتِ السنةُ أقبلَ ،
.
فقال له : ما حاجتُك يا أزهر ؟
.
قال : يا أميرَ المؤمنين دعاءٌ كنتُ أسمعُكَ تدعو به جِئْتُ لأكتُبَه ،
.
فضحكَ أبو جعفر وقال : الدعاءُ الذي تطلُبُه غيرُ مُستجابٍ ،
.
فإني دعوتُ اللهَ به ألَّا أراكَ فلم يَسْتجبْ لي ، وقد أمرنا لكَ باثني عشر
.
ألفٍ ، وتعالَ إذا شِئتَ فقد أعْيَتْنا الحيلةُ فيك .
.
* ثمرات الأوراق لابن حجة الحموي