يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا
------------------------ مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ
لَو لَم تُقِم دينًا لَقامَت وَحدَها
------------------------ دينًا تُضيءُ بِنورِهِ الآناءُ
زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ
------------------------ يُغرى بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ
أَمّا الجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ
------------------------ وَمَـلاحَةُ الصِدّيقِ مِنكَ أَيــاءُ
وَالحُسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ
------------------------ ما أوتِيَ القُوّادُ وَالزُعَمـاءُ
فَإِذا سَخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى
------------------------ وَفَعَلتَ ما لا تَفعَلُ الأَنواءُ
وَإِذا عَفَوتَ فَقادِرًا وَمُقَدَّرًا
------------------------- لا يَستَهينُ بِعَفـوِكَ الجُهَلـاءُ
وَإِذا رَحِمتَ فَأَنتَ أُمٌّ أَو أَبٌ
------------------------- هَذانِ في الدُنيا هُما الرُحَمـاءُ
وَإِذا غَضِبتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ
------------------------- في الحَقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ
وَإِذا رَضيتَ فَذاكَ في مَرضاتِهِ
------------------------- وَرِضا الكَثيرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ
وَإِذا خَطَبتَ فَلِلمَنابِرِ هِزَّةٌ
------------------------- تَعرو النَدِيَّ وَلِلقُلوبِ بُكاءُ
وَإِذا قَضَيتَ فَلا ارتِيابَ كَأَنَّما
------------------------- جاءَ الخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ
وَإِذا حَمَيتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو
------------------------- أَنَّ القَياصِرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ
وَإِذا أَجَرتَ فَأَنتَ بَيتُ اللهِ لَم
------------------------- يَدخُل عَلَيهِ المُستَجيرَ عَــداءُ
وَإِذا مَلَكتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها
------------------------- وَلَوَ اَنَّ ما مَلَكَـت يَداكَ الشــاءُ
وَإِذا بَنَيتَ فَخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً
-------------------------- وَإِذا ابتَنَيتَ فَدونَكَ الآباءُ
وَإِذا صَحِبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّمًا
-------------------------- في بُردِكَ الأَصحابُ وَالخُلَطاءُ
وَإِذا أَخَذتَ العَهدَ أَو أَعطَيتَهُ
-------------------------- فَجَميعُ عَهـدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفــاءُ
وَإِذا مَشَيتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ
-------------------------- وَإِذا جَرَيتَ فَإِنَّكَ النَكباءُ
-----------------------------------------------------------
صَلّى عَلَيكَ اللهُ ما صَحِبَ الدُجى
-------------------------- حادٍ وَحَنَّت بِالفَلا وَجناءُ
وَاستَقبَلَ الرِضوانَ في غُرُفاتِهِمْ
-------------------------- بِجِنانِ عَدنٍ آلُكَ السُمَحاءُ
خَيرُ الوَسائِلِ مَن يَقَع مِنهُم عَلى
-------------------------- سَبَبٍ إِلَيكَ فَحَسبِيَ الزَهراءُ
-----------------------------------------------------------
من الهمزية النبوية
لأمير الشعراء أحمد شوقي