خرج أبو نواس الشاعر يوما يتمشى في ضواحي الكوفة قبيل عيد الأضحى، طلبا في شراء خروف ما، وإذا به يرى أعرابيا لا يعرفه يسوق ذودا من الغنم يتقدمها كبش أملح أقرن، فابتدره أبو نواس قائلاً:
يا صاحب الذود اللواتي يسوقها....... بكم ذلك الكبش الذي قد تقدما
فلما سمع الأعرابي الذي قاله أبو نواس، رد عليه من نفس القافية والوزن قائلاً:
أبيعكه إن كنت تبغي شراءه ........ ولم تك مزاحا بعشرين درهما
ولك أن ترى هذه المفاوضة في البيع والشراء بالشعر،
فرد عليه أبو نواس قائلا:
أجبت هداك الله رجع جوابنا ........ فأحسن إلينا إن أردت تكرما
قال الأعرابي:
أحط عليك من العشرين خمسة ....... لأني أراك ضريفا فاخرجنها مسلما
بيد أن أبا نواس انصرف ولم يشتر شيئا، فلحق بعض الناس ممن شهدوا ذلك الموقف الأعرابي وقالوا له: أكنت تعلم مع من تتحدث، قال: لا والله، فقالوا : إنه أبو نواس،
فعزم الرجل فاقتنى كبشا مما عنده فأتى به أبا نواس فقال له: خذ هذا الكبش عني أهبه لك فاقبله مني وإلا تركت جميع أغنامي في الصحراء، فقبله منه فسار الرجل إلى حاله,
وقيل أن أبا نواس قد سأل عن الرجل فقالوا له : إنه رجل من باهلة ( وهي قبيلة من قبائل العرب وأفصحها لسانا )،
فأنشد له الشاعر أبو نواس يمدحه بأبيات قل نظيرها في الشعر :
وباهليا من الأعراب منتخب ...... جادت يداه بوافي القرن والذنب
فإن يكن باهليا عند نسبته ....... ففعله قرشي كامل الحســـــــب
ويقال إنها من أفضل المفاصلات في البيع