قالت سبيعة بنت الأحب، تذكر ابنها خالد بن عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وتنهاه عن البغي بمكة، وتذكر له ما كان من أمر تبع فيها:
أبُنَـيَّ لا تظلِـم بمكَّـة لا الصغيـرَ ولا الكبيــرْ
واحفـظ مَحـارمَهـا بُنَـيَّ ولا يغرّنْـك الغَـرورْ
أبُنَـيَّ مـن يظلـم بمكَّـة يلـق أطْـرافَ الشُّرورْ
أبُنَـيَّ يُضْـربْ وجهـهُ ويَلـُحْ بخدّيـه السَّـعيـرْ
أبُنَـيَّ قـد جَرّبتهـا فوجدتُ ظالمهـا يبـور(1)
الله أمّـنهـا ومـَا بُنيـت بعَـرْصتهـا قُصورْ
والله أمن طيرَهــا والعُصم(2) تأمن في ثَبيرْ(3)
ولـقد غزاهـا تُبَّــع فكسـا بَنيَّتهـا الحَبير(4)
وأذلّ ربــي مُلـكَـه فيهـا فأوفـى بالنُّـذورْ
يمشـي إليهـا حافيـاً بفنـائهـا ألفـا بعيـرْ
ويظلّ يُطعم أهلَهـا لحمَ المَهارى(5) والجَـزورْ
يَسقيهمُ العسـلَ المُصفّى والرّحيض(6) من الشعيرْ
والفيل أُهلـك جيشـه يرمون فيهـا بالصخـورْ
والملْك في أقصى البلاد وفي الأعاجم والخزير(7)
فاسمع إذا حُدّثـتَ وافهـم كيف عاقبـة الأمـورْ
-------------------
(1) يبور: يهلك.
(2) العصم: الوعول، لأنها تعتصم بالجبال.
(3) ثبير: جبل في مكة.
(4) بنيتها: يعني الكعبة. والحبير: ضرب من ثياب اليمن موشَّى.
(5) المهارى: الإبل العراب النجيبة.
(6) الرحيض: المنتقى، والمصفى.
(7) الخزير: أمة من العجم، ويقال لها الخزر أيضاً.
البداية والنهاية لابن كثير