أنـْـواعُ البُكـاءِ ..
قـالَ الإمامُ ابْنُ القَيِّم ِ - رَحِمَهُ اللهُ – في كِتابهِ القَيِّم ِ " زادُ المَعادِ في هَدْي خَيْر ِالعِباد ِ " :
والبُكاءُ أنواع ٌ..
أحَدُها : بُكاءُ الرَّحْمَة ِوالرِّقَّةِ .
والثَّاني : بُكاءُ الخـَوْفِ والخَشْيَةِ .
والثَّالِثُ : بُكاءُ المَحَبَّةِ والشَّوْق ِ.
والرَّابعُ : بُكاءُ الفـَرَح ِوالسُّرورِ .
والخامِسُ : بُكاءُ الجَزَع ِمِنْ ورودِ المُؤلِم ِوعَـدَم ِاحْتِمالِهِ ..
والسَّادِسُ : بُكاءُ الحُزْن ِ..
والفَرْقُ بَيْنهُ وبَيْنَ ( بُكاءِ الخَوْفِ ) .. أنَّ :
( بُكاءَ الحُزْن ِ) يكُونُ على ما مَضى مِنْ حُصُول ِمَكْروهٍ أوفـَواتِ مَحْـبُوبٍ ..
و ( بُكاءَ الخـَوْفِ ) يكُونُ لِما يُتَوقَّعُ في المُسْتَقْبل ِمِنْ ذلكَ .
والفَرْقُ بَيْنَ ( بُكاءِ الفرَح ِوالسُّرورِِ) و( بُكاءِ الحُزْن ِ) .. أنَّ :
" دَمْعة َالسُّـرورِ" باردَة ٌ ، والقـَلْبُ فرْحانٌ ..
و" دَمْعة َالحُزْن ِ " حارَّة ٌ، والقـَلْبُ حَزيْن ٌ ..
ولهَـذا يُقالُ ..
لِما يُفْرَحُ بهِ .. هو قـُرَّّة ُعَـيْن ٍ، وأقَرَّ اللهُ بهِ عَيْنَهُ ..
ولِما يُحْزنُ .. هو سَخِيْنة ُالعَيْن ِ ، وأسْخَنَ اللهُ عَيْنَهُ بهِ .
والسَّابعُ : بُكاءُ الخـَوَر ِوالضَّعْـفِ ..
والثـَّامِنُ : بُكاءُ النِِّفاق ِ ، وهو أنْ تَدْمَعُ العَيْنُ والقـَلْبُ قاس ٍ ..
فيُظْهـِرُ صاحِبُهُ الخُشُوعَ وهو مِنْ أقْسَى النَّاس ِقـَلْباَ .
والتاسِعُ : البُكاءُ المُسْتعارُ والمُستأجَـرُ ؛ كبُكاءِ النََّائِحَةِِ بالأُجْرَةِ ..
فإنَّها كما قالَ عُمَرُ بنُ الخطـَّابِ – رضي اللهُ عنهُ –:
تبيْعُ عَـبْرَتَها ، وتبْكِي شَجْو غـَيْرها .
والعاشِـرُ : بُكاءُ المُوافـَقة ِ ؛ وهو أنْ يَرَى الرَّجُلُ النَّاسَ يبْكُونَ
لأمْرٍ وَرَدَ عَـليْهم ، فيَبْكِي مَعَهُم ولا يَدْري لأيِّ شَيءٍ يَبْكُون ..
ولكِنْ يَراهُم يَبْكُونَ فيَبْكِي ..
وما كانَ مِنْ ذلِكِ دَمْعاًً بلا صَوْتٍ فهو .. بكْاءٌ مَقـْصُورٌ..
وما كانَ مَعَهُ صوْتٌ فهو .. بكْاءٌ مَمْـدودٌ ..
قـالَ الشَّاعِـرُ:
بكَتْ عَيْنِي وحُقَّ لها بُكاها
----------------- وما يُغـْنِي البُكاءُ ولا العَـويْلُ
وما كانَ منهُ مُسْتدْعَى مُتَكَلَّفـًا فهو التباكي ؛ وهو نوْعان :
مَحْـمُودٌ ومَذْمُـومٌ ..
فالمَحْـمُـودُ أنْ يُسْتَجْلِبَ لِِرقـَّةِ القـَلْبِ ، ولِخشْيَة ِاللهِ لا للرياءِ والسُّمْعَة ..
والمَذمُومُ أنْ يُجْـتَلَبَ لأجْـلِّ الخَلْق ِ ..
وقـدْ قالَ عُـمَرُ بنُ الخَطَّاب ِ – رضي اللهُ عنهُ – للنََبيِّ – صلَّى اللهُ عليْهِ
وسلَّمَ - وقدْ رآهُ يَبْكِي هو وأبو بَكْر ٍفي شأن ِأسَارَى بَدْر ٍ:
أخْبرْنِي ما يُبْكِيْكَ يا رَسُولَ الله ِ ، فإنْ وَجَدْتُ بُكاءً بَكَيْتُ ، وإنْ لمْ أجَدُ
تباكَيْتُ لبُكائِكِما .
ولمْ يُنْكِرْ عليْه ِ .
و قالَ بَعْضُ السَّلَفِ :
( ابْكُوا مِنْ خـَشْيَةِ اللهِ ، فإنْ لمْ تَبْكُـوا فتباكـُوا ) .