الشاعر الكبير جرير يرثي خصمه العنيد الشاعر المفلق : الفرزدق.
انظروا إلى عظمة الخصم حين يكون منصفا ذا مروءة :
لَعَمرِي لَقَدْ أشْجَي تَمِيماً وَهَـدَّهَا
عَلَى نَكَبَاتِ الدَّهْرِ مَوْتُ الفَـرَزْدَقِ
عَشِـيَّةَ رَاحُـوا لِلفِـرَاقِ بِنَعْشِـهِ
إلَى جَدَثٍ فِي هُوَّةِ الأَرْضِ مَعْمَـقِ
لَقَدْ غَادَرُوا فِي اللَّحْدِ مَنْ كَانَ يَنْتَمِي
إِلَى كُلِّ نَجْـمٍ فِي السَّمَاءِ مُحَـلَّق
عِمَـادُ تَمِـيْمٍ كُـلُّهَا وَلِسَانُـهَا
وَنَاطِقُهَا البَذَّاخُ فِي كُـلِّ مَنْطِـقِ
فَمَنْ لِذَوِي الأَرْحَامِ بَعْدَ ابْنِ غَالِبٍ
لِجَارِ وَعَانٍ فِي السَّلاَسِـلِ مُـوَّثِقِ
وَمَنْ لِيَتِـيْمٍ بِعْدَ مَـوْتِ ابْنِ غَالِبِ
وَاُمّ عِـيَـالٍ سَـاغِبِيـنَ وَدَرْدَقِ
وَمَنْ يُطْلِقُ الأَسْرَىَ وَمَنْ يَحْقِنُ الدِّمَا
يَدَاهُ وَيَشْفِي صَدْرَ حَـرَّانَ مُحْـنَقِ
وَكَـمْ مِنْ دَمٍ غَالٍ تَحَـمَّلَ ثِقْـلَهُ
وَكَانَ حَمُوْلاً فِي وَفَـاءٍ وَمَصْـدَقِ
وَكَمْ حِصْنِ جَبَّارِ هُمَـامٍ وَسُوقَـةٍ
إِذَا مَـا أَتَـى أَبْـوَابَهُ لَمْ تُغَـلَّقِ
تَفَـتَّحُ أَبْـوَابُ المُـلُوكِ لِوَجْـهِهِ
بِغَيـرِ حِجَـابٍ دُونَـهُ أَوْ تَمَـلُّقِ
لِتَـبْكِ عَلَيْهِ الإنْسُ وَالجِـنُّ إِذْ ثَوَى
فَتَى مُضّرٍ فِي كُلِّ غَرْبٍ وَمَشْـرِقِ
فَتَىً عَاشَ يَبْنِي المَجْدَ تِسْعِينَ حِجَّـهً
وَكَانَ إلَى الخَيْرَاتِ وَالمَجْدِ يَرْتَقِـي