المعري ورسالة الغفران

عدد المساهمات : 847 تاريخ التسجيل : 24/01/2012

كان المعري من أذكياﺀ العرب ..بل من أذكياﺀ العالم : أثرت رسالة غفرانه في دانتي و ملتون و غيرهما ..
و يقال إن صديقا للفيلسوف الهولندي اليهودي سبينوزا عاب عليه الإيمان بدين و قال له :
إن متَّ يا صديقي و لم تجد لا آخرة و لا جنة و لا نارا ...ألن تندم على قضائك عمرك في الدين ؟
فأجابه سبينوزا : في هذا الاحتمال لن أندم لأنني لن أكون شيئا ذا إحساس ..و لكن لو وجدت أنت أن رؤية الدين لما بعد الموت حق ..فماذا يكون حالك حينها ؟

اليهود عموما لا يؤمنون بالآخرة ..و لكن ربما كان سبينوزا متأثرا برؤية المسلمين لكونه ابن يهوديين هربا من شبه الجزيرة الإيبيرية " من الأندلس الأسبانية " اتقاﺀ محاكم التفتيش الإرهابية ..

لنعد إلى أبي العلاﺀ المعري

في الأبيات التالية يرد على منكرين لعالم الغيب و البرزخ و القيامة ..و لعل ما روي عن سبينوزا هو في الأصل موضوع هذه الأبيات المعرية التي تؤكد أن هذا الشاعر الكبير كان مؤمنا دون ريب:
قالَ المُنَجِّمُ وَالطَبيبُ كِلاهُما

لا تُحشَرُ الأَجسادُ قُلتُ إِلَيكُما

إِن صَحَّ قَولُكُما فَلَستُ بِخاسِرٍ

أَو صَحَّ قَولي فَالخُسارُ عَلَيكُما

طَهَّرتُ ثَوبي لِلصَلاةِ وَقَبلَهُ

طُهرٌ فَأَينَ الطُهرُ مِن جَسَدَيكُما

وَذَكَرتُ رَبّي في الضَمائِرِ مُؤنِساً

خَلَدي بِذاكَ فَأَوحِشا خَلَدَيكُما

وَبَكرتُ في البَردَينِ أَبغي رَحمَةً

مِنهُ وَلا تُرَعانِ في بُردَيكُما

إِن لَم تَعُد بِيَدي مَنافِعُ بِالَّذي

آتي فَهَل مِن عائِدٍ بِيَدَيكُما

بُردُ التَقِيِّ وَإِن تَهَلَّلَ نَسجُهُ

خَيرٌ بِعِلمِ اللَهِ مِن بُردَيكُما

إضافة :
لم يهتد أغلب الدارسين لرأي جازم في عقيدة المعري مع إجماعهم على أنه شكّاك نقّاد طيلة حياته .
و أميل مع الدكتورة عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ ) إلى أنه مؤمن .. لا بد أن ننأى بنفسنا عن التكفير إن كان في تراث الرجل ما يثبت الإيمان كقوله :

أقيم ُ خمسي و صوم الدهر آلفه
و أدمن الذكر أبكارا بآصالِ

عيدين افطر في عامي إذا حضرا
عيد الأضاحيّ يقفو عيد شوّالَ

سأعبد الله لا أرجو مثوبته
لكن تعبّد إعظام و إجلالِ

» من عيون شعر المعري