أبو هريرة رضي الله عنه و أرضاه...
كان، رضي الله عنه، مجهول الهوية، جاء من البادية هو و أمه ليحط الخطا في المدينة حيث النبي صلى الله عليه و سلم، اختلفت الروايات حول اسمه، فمن "عبد شمس بن صخر"، إلى "سُكين بن دومه"، إلى "عبد الله بن عامر"، إلى "بربر بن عشرقة"، إلى "عبد نهم"، إلى "عبد غنم".
حطَّ، رضي الله عنه، في المدينة و استقر في المسجد دون عمل يزاوله و يقضي به حاجاته فاعتمد على الصدقات و إحسان الآخرين إليه.
ما كان أبو هريرة رضي الله عنه صاحبا للنبي عليه الصلاة و السلام، و ما كان ملازما له، بل اقتصر لقاؤه به على وقت وجود النبي بالمسجد، عاصر الرسول عليه أفضل الصلاة و السلام قبل وفاته لمدة تقل عن سنتين، ثم روى عنه بعد وفاته أكثر مما روى أي من أصحابه الملازمين له لمدة 23 عاما، أو أي من زوجاته، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة و السلام آلاف الأحاديث تقول المصادر أنها تقرب من 25 ألف حديث، دُوِّنَ منها 5374 حديثا، و كان أحدها الحديث الشريف: "أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم بحق الإسلام وحسابهم على الله" فكان ذلك الحديث الغطاء الشرعي لأبي بكر رضي الله عنه و أرضاه لمحاربة من رفض دفع الزكاة من قبائل العرب بعد وفاة النبي عليه الصلاة و السلام.
ولاَّه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على البحرين فخان، رضي الله عنه، أمانة المسلمين، فضربه عمر بن الخطاب حتى أدماه، و ذلك بحسب ما جاء في كتاب "الطبقات الكبرى" لإبن سعد و كذلك كتاب "فتوح البلدان" للبلاذري.
أورد "الذهبي" صاحب كتاب "سير أعلام النبلاء" أنه، رضي الله عنه و أرضاه، كان يُدَلِّسُ و يلقي أحاديث غريبة بالمئات بينما كان أميا لا يقرأ و لا يكتب، و لقد استنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثرة روايته للحديث، و بحسب كتاب "سير أعلام النبلاء" فقد قال له عمر: "لتترُكَنَّ الحديث عن رسول الله أو لألحقنَّكَ بأرض القردة"، و بالفعل، لقد امتنع، رضي الله عنه، عن رواية الحديث حتى مات عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندها، صاحَبَ معاوية بن أبي سفيان، و بحسب كتاب "سير أعلام النبلاء": "كان إذا أعطاه معاوية سكت، و إذا أمسك عنه تكلم" ثم عاد يحدِّث، و قال: "إني أحدِّثكم بأحاديث عن رسول الله لو حدثتكم بها في زمن عمر لضربني بالسياط".
ذكر "الزمخشري" في كتابه "ربيع الأبرار" أنه كان يحب أكلة اسمها "المَضيَرَه" فيأكلها مع معاوية رضي الله عنه، فإذا حضرت الصلاة صلى خلف علي رضي الله عنه، فإذا قيل له في ذلك قال: "مَضيَرَة معاوية أدسم، و الصلاة خلف علي أفضل".
جاء في كتاب "مختصر تاريخ دمشق" لإبن عساكر أن عائشة رضي الله عنها زوجة النبي عليه الصلاة و السلام خاطبته قائلة: "إنك تُحَدِّثُ عن رسول الله بأحاديث ما سمعتها منه"، فرد، رضي الله عنه، ساخرا: "إنه كان يشغلك عن رسول الله المرآة و المكحلة"، فأجابته عائشة رضي الله عنها: "إنما أنت الذي شغلك عن رسول الله بطنك و ألهاك نهمك عنه حتى كنت تعدو وراء الناس في الطرقات تلتمس منهم أن يطعموك من جوعك فيفرون منك و يهربون"
إنه واحد من سلفنا الصالح....الصحابي "الجليل": أبو هريرة.