يحكى أن تاجرا كان ميسورا ،وكان له ابن سخي يكرم أصدقاءه كرما حاتميا.
دارت الأيام ومات أبوه؛ فأصاب العائلة فقر شديد، فقصد الشاب أعز صديق كان يكرمه، وكان غنيا عسى أن يجد عنده عملاً أو سبيلاً لإصلاح حاله. فلما وصل باب القصر استقبله الخدم، فذكر لهم صلته بصاحب الدار وما كان بينهما من مودة قديمة،فلما أخبر الخدم سيدهم بذلك،نظر من خلف الستار ليرى شخصا رث الثياب ،عليه آثار الفقر .فلم يرض بلقائه.فخرج الرجل وهو يتألم.
قريباً من دياره،صادف ثلاثة من الرجال؛قالوا له نبحث عن رجل يدعى فلان ابن فلان ،وذكروا اسم والده، فقال لهم إنه أبي وقد مات منذ زمن.تأسفوا وذكروا له أنهم مدينون لأبيه بقطع نفيسة من المرجان كان قد تركها عندهم أمانة،فناولوها إياه ورحلوا ...
مضى والدهشة لا تفارقه، حتى لقي امرأة كبيرة في السن عليها آثار النعمة والخير، فقالت له يا بني أين أجد مجوهرات للبيع في بلدتكم هذه ؟
تسمر الشاب في مكانه وسألها إن كان يعجبها المرجان فقالت :له نِعم الطلب، فأخرج بضعة قطع من الكيس؛فابتاعت منه قطعة ووعدته بأن تعود لتشتري منه المزيد .وهكذا عادت الحال إلى يسر بعد عسر ونشطت تجارته بشكل كبير.
فتذكر ذلك الصديق الذي أنكر صداقته فبعث له ببيتين من الشعر جاء فيهما:
صَحِبْتُ قوما لِئاما لا وفاء لهم
يدعون بين الورى بالمكر والحيل.
كانوا يُجِلّونني مذ كنت رب غنى
وحين أفلست عدوني من الجُهل
فلما قرأ ذلك الصديق هذه الأبيات كتب على ورقة ثلاثة أبيات وبعث بها إليه جاء فيها:
أما الثلاثة قد وافوك من قِبَلي
ولم تكن إلا سببا من الحيلِ
أما من ابتاعت المرجان والدتي
وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
وما طردناك من بخل ولا قلل
لكن عليك خشينا وقفة الخجل