• الاحتجاج بالقدر بين الصواب والخطأ
• قال النبي صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى، فحج آدم موسى» (متفق عليه)
• بعض الناس يظن أن آدم احتج بالقدر على الذنب، وهذا غير صحيح، بدليل أن الله عز وجل عندما لام آدم على ذنبه لم يحتج بالقدر، بل اعترف به وقال ربنا ظلمنا أنفسنا.
• وإنما احتج آدم بالقدر على مصيبة الخروج من الجنة، وهو الأمر الذي لامه عليه موسى، فاحتج آدم بأن هذا الأمر قدره الله تعالى عليه قبل أن يخلقه، قال تعالى [وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً] ولم يقل في الجنة، فخروج آدم من الجنة، وهبوطه للأرض كان أمرا حتميا، سواء أكل من الشجرة أم لا، لأنه خلق للأرض وليس للجنة، ولكن الله الذي من حكمته أنه يسبب الأسباب، جعل خروج آدم من الجنة بسبب الأكل من الشجرة.
• ومن هنا كان الاحتجاج بالقدر على المصيبة بعد وقوعها أمر مشروع، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم «وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل» (مسلم)
• وقد يقول قائل: العاصي أيضا يحتج بالقدر على المعصية بعد وقوعها، ويقول هي مصيبة، فما الفرق بينهما؟
• الجواب: الفرق هو النتيجة، فمن المعلوم أن ما يؤدي إلى الواجب فهو واجب، وما يؤدي إلى الحرام فهو حرام، والاحتجاج بالقدر على المصيبة يؤدي إلى الحد من آثارها وربما نسيانها تماما، بينما الاحتجاج بالقدر على المعصية يؤدي إلى الاستمرار والإصرار على المعصية، بل إلى مزيد من المعاصي والذنوب، وتعم الفوضى الدنيا كلها.
• مثال: حرائق الخشب والورق مثلا إذا ألقيت عليها الماء تنطفأ، بينما حرائق الزيت والبترول إذا ألقيت عليها الماء تزداد اشتعالا، فالماء هو الماء، والنار هي النار، ومع ذلك أطفأ الماء حريق الخشب، وزاد الماء من نار حريق الزيت، وهكذا الاحتجاج بالقدر يطفأ نار المصيبة، بينما يزيد من نار المعصية، ولذلك جاز الاحتجاج بالقدر على المصيبة، دون المعصية، والله أعلم.
موضوع: الاحتجاج بالقدر 
الأحد أغسطس 25, 2019 8:32 pm