في صحبة الصالحين
• عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» (صحيح/ داود، ترمذي، أحمد)
• الرجل على دين خليله: قال الغزالي: لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدرى صاحبه. (الإحياء)
• ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما من شيء أدل على شيء ولا الدخان على النار من الصاحب على الصاحب. (أدب الدنيا والدين)
• وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
يُقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ ... إذا ما المَرءُ ماشاهُ
كَحَذو النَعلِ بِالنَعلِ ... إِذا ما النَعلُ حاذاهُ
وَلِلشَىء مِنَ الشَىء ... مَقاييِسُ وَأَشباهُ.
وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ ... دَليلٌ حِينَ يَلقاهُ. (بداية الهداية للغزالي)
• فلينظر أحدكم من يخالل: قال ابن عثيمين: فلينظر أحدكم من يصاحب، فإن صاحب أهل الخير؛ صار منهم، وإن صاحب سواهم؛ صار مثلهم. (شرح رياض الصالحين)
• ولذلك وجب على المسلم أن يحسن اختيار أصحابه، فلا يصاحب إلا الصالحين. ولكن كيف يصاحب الصالحين؟
• للإجابة على هذا السؤال لابد من معرفة الأصل الأصيل في صحبة الصالحين، فإذا أردت أن تصاحب الصالحين فالأصل في ذلك هو:
((أن تكون صالحا مثلهم))
• قال النبي صلى الله عليه وسلم «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» (متفق عليه)
• عن عمرة قالت: كان بمكة امرأة مزاحة فنزلت على امرأة مثلها، فبلغ ذلك عائشة رضل الله عنها، فقالت: صدق حبي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الأرواح جنود ... (صحيح/ أبو يعلى)
مزاحة يعني تحب الضحك والمزاح، فنزلت ضيفة على امرأة مثلها مزاحة، مع أنها لا تعرفها، ولكن روحها انجذبت لها.
• قال ابن مسعود: فلو أن رجلاً مؤمنًا جاء إلى مجلس فيه مائة منافق، وليس فيه إلا مؤمن واحد، لجاء حتى يجلس إليه، ولو أن منافقًا جاء إلى مجلس فيه مائة مؤمن، وليس فيه إلا منافق واحد لجاء حتى يجلس إليه. (التمهيد، إرشاد الساري)
• قال البيهقي سألت الحاكم عن معناه فقال المؤمن والكافر لا يسكن قلبه إلا إلى شكله. (التيسير شرح الجامع الصغير)
• ومر معنا قول علي: وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ ... دَليلٌ حِينَ يَلقاهُ.
• وقال الخطابي: ولذلك ترى البَرَ الخَيِّر يحب شكله ويحن إلى قربه وينفر عن ضده، وكذلك الرَّهِق الفاجر يألف شكله ويستحسن فعله وينحرف عن ضده. (معالم السنن)
• إذاً لكي تستطيع أن تصاحب الصالحين، فلابد أن تكون أنت صالحا، حتى تألفهم ويألفوك، وتحبهم ويحبوك، لأن من كان فاجرا فلن يألف الصالحين ولن يألفوه.
• قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ليحذر امرؤ أن تلعنه قلوب بني آدم وهو لا يشعر، قيل: كيف هذا؟ قال: إن العبد يخلو بمعاصي الله، فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر. (حلية الأولياء)
• وقال ابن عباس: إن للسيئة بغضا في قلوب الخلق. (الداء والدواء)
• فالفاجر لا يألفه الصالحون، وهو كذلك لن يألفهم ولن يحبهم، بل على العكس سيجد نفسه مجذوبا للفاجرين، لأنه سيألفهم ويألفونه، ويحبهم ويحبونه.
• ولذلك قالوا: انظر إلى أصحابك، تعرف من أنت!!
والله أعلم
موضوع: في صحبة الصالحين 
الأحد أغسطس 25, 2019 5:11 pm