وإليك هذا الموقف العجيب، أهديه لكل شاب يشتكي فتنة النساء، ويدّعي أنه لا طاقة له بهنّ!
"كانت امرأة جميلة بمكة وكان لها زوج فنظرت ذات يوم إلى حُسنها وجمالها في المرآه، فقالت لزوجها: أترى أحد يرى هذا الوجه ولا يفتتن به؟!
قال: نعم..
قالت: مَن؟
قال: عبيد ابن عمير - وهو رجل عابد اشتهر بالصلاح والتقوى والعلم-.
قالت: إإذن لي فيه فلأفتنه. قال: قد أذنت لكِ.
فأتت إليه وطلبت منه أن تستفتيه في بعض المسائل، لكنها تريده بعيدًا عن الناس. فخلى معها في ناحية من المسجد الحرام، فأسفرت عن وجهها مثل فلقة القمر..
فقال لها: يا أمة الله إتقي الله واستتري.
فقالت: إني قد فُتنت بك.
فقال: إني سائلك عن شيء إذا صدقتيني نظرت في أمرك.
قالت: والله لا تسألني عن شيء إلا صدقتك.
قال: أرئيتِ لو أن ملك الموت أتاكِ الساعة ليقبض روحكِ أكان يسرك أن اقضي لك هذه الحاجة؟!
قالت: اللهم لا..
قال: صدقتِ.
قال: فلو دخلتي قبرك وجلستي للمسائلة أيسرك أني قضيت لك حاجتك؟!
قالت: اللهم لا..
فقال: صدقتِ.
قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بيسارك أكان يسرك أن قضيت لك حاجتك؟!
قالت: اللهم لا..
فقال: صدقتِ.
قال: فلو جيء بالميزان وجيء بكِ فلا تدرين أيخفّ ميزانك أو يثقل أكان يسرك أني قضيت لكِ حاجتك؟!
فقالت: اللهم لا..
فقال: صدقتِ.
قال: فلو وقفتي بين يدي الله للمسائلة أكان يسرك أن قضيتها لك ؟!
فقالت: اللهم لا..
فقال: صدقتِ.
ثم قال اتقي الله يا أمة الله فقد أنعم الله عليكِ وأحسن إليكِ.
فرجعت إلى زوجها فقال: ما صنعتي؟
فقالت: أنت بطال ونحن بطالون.
فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة.. فكان زوجها يقول: مالي ولعبيد ابن عمير افسد عليّ امرأتي كانت في كل ليله عروسًا فصيّرها راهبة".
فلابد لكل مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر وعلم أنه موقوف بين يديّ الله أن يذكّر نفسه الأمارة بالسوء إذا دعته إلى المعاصي أنه سيقف بين يدي الله، أكان يسرّه أن يلقاه بها؟
ثم يلجم نفسه ويلزمها الحلال والحرام تكن له الاستقامة بإذن الله.
ومضة:
من انشغل بقضية الآخرة لم تفتنه نساء الدنيا ولو جاءته كلهن عرايا.
المصدر:
روضة المحبين- ابن القيم