"أشعب" شخصية عربية احتفى بها الخيال الشعبي واحتضنتها الذاكرة العربية كنموذج للإنسان المفجوع الذكي، الذي يفعل أي شيء من أجل الطعام، وليس أي طعام، بل كان يجوب المضارب والمرابع، والسهول والوعور من أجل الظفر بالطعام في الولائم.
في إحدى جولاته وبينما هو يمشي في دروب إحدى القرى، سمع عتابا شديدا بين أعرابي وجاره. فتوقف بجوارهما بعدما ألقى عليهما السلام، وقال:
لولا أنكما متحابين ما ارتفع صوتيكما بالعتاب، والأفضل من ذلك هو الاحتكام، حتى لا يفسد الود بينكما. فقالا: "نحتكم إليك يا شيخ العرب". فوافق أشعب على ذلك، ولكن بشرط أن يذبح المخطئ ناقة ويقيم وليمة يدعو إليها من يأكلها من رجالات القبيلة، حتى يكونوا شهودا على التصالح؛ فوافق الرجلان على اقتراح أشعب.
وبعد أن استمع إلى حجة كل منهما، ظل صامتا لفترة يقلب وجهه بين السماء والأرض تارة، وبين المشرق والمغرب تارة أخرى، وكأنه يفكر، حتى أن أحد الرجلين سأله: ما حكمك؟. فأجاب أشعب: ليست المشكلة أن أحدكما مخطئ، ولو كان الأمر كذلك لهان، ولكني أتعجب كيف أن كلا منكما مخطئ، وإني أرى دماء ناقتين لا دم ناقة واحدة.!!
وانتهت الليلة وقد أكل رجال القبيلة ونساؤها وأطفالها، وتسامروا، ونال أشعب ما يبتغيه من طعام، ثم مضى إلى حال سبيله.
وبعد فترة من الزمن حل أشعب ضيفا على الجارين، فسألاه عن بغيته، فقال أشعب: ليس لي بغية لولا أنني سمعت أن أبويكما كانا مخطئين.!!