مِنْ بَلاغَةِ القُرْآنِ الكَرِيْم ِ..
قالَ تعالَى فِي سُورَةِ"النَّحْل"51:
{لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} ..
وَكَلِمَة ُ{إِلَهَيْنِ} هنا لِلتَّثْنِيَةِ ، فلَماذا أتَي المَوْلَى - سُبْحانَهُ وَتَعَالَى - بَعْدَها بالوَصْفِ بِكَلِمَةِ
{اثْنَيْنِ} ؟
يُجِيْبُ الإمامُ السّيُوطِيّ فِي" الإتْقان فِي عُلُوم القُرْآن "مُوَضِّحاً أنَّ :
{اثْنَيْنِ} صِفَةٌ ٌمُؤَكِّدَة ٌلِلنَّهْيِ عَنِ الْإِشْرَاكِ ، وَلِإِفَادَةِ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ اتِّخَاذِ إِلَهَيْنِ إِنَّمَا هُوَ
لِمَحْضِ كَوْنِهِمَا اثْنَيْنِ فَقَطْ ، لَا لِمَعْنًى آخَر َمِنْ كَوْنِهِمَا عَاجِزَيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ..
وَلِأَنَّ الْوِحْدَةَ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا النَّوْعِيَّةُ ، كَقَوْلِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
«إِنَّمَا نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» ..
فَلَوْ قِيلَ :
"لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ" فَقَطْ لَتُوِهِّمَ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنِ اتِّخَاذِ جِنْسَيْنِ آلِهَةً ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْ
نَوْعٍ وَاحِدٍ عَدَدٌ آلِهَةً ، وَلِهَذَا أُكِّدَ بِالْوَاحِدَةِ قَوْلُهُ تَعالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَام" 19:
{إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}..
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالَى فِي سُورَةِ"الْمُؤْمِنُونَ" 27:
{فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ}.. عَلَى قِرَاءَةِ تَنْوِينِ {كَلٍّ}..
وَقَوْلُهُ تَعالَى فِي سُورَةِ"الْحَاقَّة"13:
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} ..
فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ تَعَدُّدِ النَّفْخَةِ .