(إنما المرء بأصغريه )
لما استخلف عمر بن عبد العزيز قدم عليه وفود أهل كل بلد، فتقدم إليه وفد أهل الحجاز فقدموا غلام لهم للكلام، فقال عمر: يا غلام، ليتكلم من هو أسنُّ منك. فقال الغلام: يا أمير المؤمنين، إنما المرء بأصغريه؛ قلبه، ولسانه، فإذا منح الله عبده لسانًا لافظًا، وقلبًا
حافظًا؛ فقد أجاد له الاختيار، ولو أن الأمور بالسن لكان ها هنا من هو أحق بمجلسك منك. فقال عمر: صدقت، تكلم فهذا السحر الحلال. فقال: يا أمير المؤمنين، نحن وفد التهنئة لا وفد الترزئة، ولم يقدمنا إليك رغبة ولا رهبة؛ لأنا قد أمنا في أيامك ما خفنا،
وأدركنا ما طلبنا. فسأل عمر عن سن الغلام، فقيل: عشر سنين. فعجب من فصاحته وقوة جنانه.