إنَّ اللغةَ العربيَّة ثريَّةٌ بالعديد من المترادفات والكلمات التي لها نفس الحروف، ولكنَّها تحمل معانٍ مختلفة. فمن المترادفات مثلًا: كلمة كفّ( مصدر كفَّ) يرادفها كلمات عديدة كإمساك، إحجام، امتناع، إمساك، توقُّف، رفض. وأيضًا مثل: نَبَذَ الشيئ أي: طرحَه وألقاه، نبذَ الأمر أي: أهمله، نبذَ العهد أي: نقضَه. ومن ذلك أيضًا كلمة (جنة) فقد ترِد بكسر الجيم(جِنَّة) وحينئذ تعني: الجن..كما في سورة الناس ( من الجِنَّة والناس).. وقد ترِد بفتح الجيم ( الجَنة) وتعني: المكان الذي أعدّه الله نعيمًا للمؤمنين في الآخرة أو بمعنى: البستان أو الحديقة الغنّاء... ووردت بضم الجيم في الحديث النبوي الشريف ( الصوم جُنة) وتعني: وقاية. وكذلك كلمة ( القانتين) بالتاء و( القانطين) بالطاء فالأولى من القنوت بمعنى: طاعة الله، والخشوع له مثل قوله تعالى في سورة آل عمران آية(٤٣): يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين).. أو بمعنى طول القيام لله كما في سورة الزمر آية (٩): (أمّن هو قانت ءاناء الليل ساجدًا وقائمًا...... ). أما ( القنوط) فتعني اليأس من رحمة الله كما في سورة الحجر آية(٥٥): (قالوا بشّرناك بالحق فلا تكن من القانطين). ومن أمثلة الكلمات المتشابهة في الحروف وربَّما الحركات إلَّا أنَّ لها معانٍ مختلفة وبالأخص في القرآن الكريم نذكر مثلًا: كلمة (نقدِرَ) وردت في سورة الأنبياء آية رقم(٨٧) قال تعالى: (وذا النونِ إذ ذهب مغاضبًا فظنَّ أن أنَّ نقدرَ عليه فنادى في الظلمات أن لا إلٰه إلا أنتَ سبحانك إنّي كنتُ من الظالمين). فكلمة (نقدر) لا تعني القدرة والاستطاعة فحاشا سيدنا يونس (عليه السلام) أن يظنَّ بالله عدم القدرة عليه، وإنما تعني ( نضيّق) أي أن هذا حسن ظنٍ بالله (عز وجل) من سيدنا يونس، ويقين منه بأن الله لن يضيّق عليه، ولن يتركه في هذا الابتلاء. ومما يفسر هذا المعنى أيضًا قوله تعالى في سورة العنكبوت آية (٦٢): ( الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له .... ) أي يضيّقه... وهكذا فقد ورد لفظ بسط الرزق وتضييقه في عدة مواضع بالقرآن الكريم. ومنه أيضًا كلمة (يعدلون) في سورة الأنعام آية (١): (.….. ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) فإنها تعني: أن المشركين يعدلون أي يسوّون الله تعالى بغيره، ويشركون معه سواه. وكذلك كلمة (تحمل) في سورة الأعراف آية (١٧٦): ( .......فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث......) فليست ( تحمل) بمعنى الحمل والوضع هنا، وإنما تفيد أن الكلب يظل يلهث على كل حال سواءً طردته أو لم تطرده، وهو تشبيه لحال مَن أخلد إلى لذاته وترك اتباع الهدى.