نظم في الصلاة على النبي
من كتاب طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي
رحمة الله عليه
من لم يصل عَلَيْهِ إِن ذكر اسْمه ... فَهُوَ الْبَخِيل وزده وصف جبانِ
وَإِذا الْفَتى صلى عَلَيْهِ مرّة ... من سَائِر الأقطار والبلدانِ
صلى عَلَيْهِ اللَّه عشرا فليزد ... عَبْد وَلَا يجنح إِلَى نُقْصَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصلّ كل لَحْظَة عَلَيْهِ ... تمحق خطاياك عَلَى يَدَيْهِ
وَأَنت يَا مهموم إِن أردتا ... أَنَّك تَكْفِي مَا أهم بتا
فَاجْعَلْ لَهُ دعاءك الجميعا ... وثق بِمَا قلت وَكن مُطيعا
وَفِي حَدِيث آخر من جعلا ... كل صلَاته عَلَيْهِ سئلا
قَالَ إِذن يغْفر كل ذَنْبكا ... فابشر بِهَذَا كُله من رَبكا
وَاسْتعْمل اللِّسَان فِي الصَّلَاةِ ... فَإِنَّهَا من أقرب الطَّاعَاتِ
وَمن يصل مرّة عَلَى النَّبِي ... صلى عَلَيْهِ اللَّه عشرا فاعجبِ
أَنْت الْمُصَلِّي وَالْمُصَلي مره ... وربنا الَّذِي أَقَامَ أمره
هُوَ الْمُصَلِّي الْعشْر هَذَا فضلُ ... لَيْسَ لَهُ فِي القربات مثلُ
من أَجله قَالَ النَّبِيُّ فَلْيقلْ ... أَو يكثر الصَّلَاة فاكثرها وَقلْ
فَضِيلَةُ يمحى بهَا ذَنْب الَّذِي ... أصبح وَهُوَ بِالْمَعَاصِي قد غذي
اتّفق النَّاس عَلَى الْفَرْضِيَّة ... وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الكميًّة
فَقَالَ قوم مرّة فِي الْعُمرِ ... وَهُوَ ضَعِيف عِنْد أهل السبرِ
وَقَالَ آخَرُونَ كلما ذكرْ ... واعتصموا بِمَا أَتَاهُم من خبرْ
فَمن أخل بِالصَّلَاةِ إِن ذكرْ ... يرغم أَنفه كَذَا جَاءَ الْخَبَرْ
وَهُوَ مشير للْوُجُوب فامتثلْ ... وَلَا تكن مِمَّن عصى أَمر الرُّسُلْ
وَفِي حَدِيث أَنه الْبَخِيلُ ... وَالْبخل أَدّوا الدا وَذَا دَلِيلُ
وَفِي حَدِيث عُدّ فِي الحسانِ ... أخطا طَرِيق جنَّة الرَّحْمَنِ
من نسي الصَّلَاة يَعْنِي أهملا ... حَتَّى غَدَتْ كَمثل منسي خلا
أَو لَا فَمَا النسْيَان مِمَّا كلفا ... بل هُوَ مَرْفُوع بِنَصّ الْمُصْطَفى
وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو داودا ... وَالنَّسَائِيّ قد رُووا مَوْجُودا
بِأَن كل فرقة تَجْتَمِعُ ... وَلَا تصلي فعلَيْهَا الْمجمعُ
وَهُوَ عَلَيْهَا تِرَةٌ إِن شَاءَ ... تعذيبها اللَّه أَو الإغضاءَ
والترة الْمَقْصُود مِنْهَا التبعه ... وَهُوَ حَدِيث قَامَ بِالْفَرْضِ مَعَه
وَالْحَاكِم استدرك هَذَا فَاعْلَمِ ... وَقَالَ شَرط من شُرُوط الْمُسلمِ
وَالشَّافِعِيّ قَالَ قولا ثَالِثا ... بِهِ غَدا للمرسلين وَارِثا
عَلَيْهِ فِي كل صَلَاة راتبه ... يَأْتِي بهَا العَبْد صَلَاة واجبه
بل هِيَ ركن فِي صَلَاة النَّاسِ ... قد قَامَ بِالنَّصِّ وبالقياسِ
كل صَلَاة دونهَا خداجُ ... قَامَ بذا الْبُرْهَان وَالْحجاجُ
كَأَنَّهَا فَاتِحَة الْكتابِ ... وَتلك نعْمَة من الْوَهَّابِ
صلّى عَلَيْهِ رَبنَا مَا ذكرا ... فَإِنَّهَا تبلغه بِلَا مِرا
عَلَى لِسَان مَلَكٍ مُسَلِّمِ ... كَذَا أَتَانَا فِي صَحِيح مُسلمِ
***