من درر شيخ الإسلام
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فعلى كل مسلم أن ينظر فيما أمر الله به ورسوله فيفعله ،وما نهى الله عنه ورسوله فيتركه .هذا هو طريق الله وسبيله ودينه الصراط المستقيم ؛صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين "
[مجموع الفتاوى 26/11]
قلت : في قوله رحمه الله :"فيما أمر الله به ورسوله ..وما نهى الله عنه ورسوله " _من الفقه العالي ما لا يوصف ؛وذلك أنه -رحمه الله تعالى - جعل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم تابعا لأمر الله تعالى ،ونهي الرسول صلى الله عليه وسلم تابعا لنهي الله تعالى ؛بتقديم الجار والمجرور (به وعنه ) على المعطوف (رسوله )،ولو أنه أخره إلى ما بعد المعطوف فقال (ما أمر الله ورسوله به وما نهى الله ورسوله عنه ) لسوى بين الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في الأمر والنهى مسيئا كما أساء من قبل خطيب القوم حين قال :"من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بئس خطيب القوم أنت " منكرا عليه أن يسوي بين الله ورسوله في ضمير التثنية (يعصهما ) وكان عليه أن يقول: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى .
فإن قيل :
لكن القرآن الكريم قد جمع بين رب العزة وبين ملائكته وهم خلق من خلقه في ضمير واحد في قوله تعالى "إن الله وملآئكته يصلون على النبي " ؟!!
فالجواب:
أن لله تعالى أن يجمع معه ما شاء من خلقه ،وليس ذلك لأحد أن يجمع مع الله تعالى من خلقه، حتى ولو كان أكرم الخلق عليه محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما انتبه إليه ابن تيمية رحمه الله ؛ فلله دره ما كان أبصره بمواقع الكلام !!!