المنهي و المأمور
*************
مخالفة الأمر , أعظم من عمل المنهي عنه
_______________________________
* قال سهل بن عبد الله:
ترك الأمر عند الله أعظم من ارتكاب النهي ،
لأن آدم نُـهي عن أكل الشجرة فأكل منها فتاب عليه ،
وإبليس أُمـِـر أن يسجد لآدم فلم يسجد فلم يتب عليه.
* هذه مسألة عظيمة لها شأن و هي أن ترك الأوامر أعظم عند الله من ارتكاب المناهي ،
و ذلك من وجوه عديدة:
................................
- أحدها: ما ذكره "سهل" من شان آدم وعدو الله إبليس.
.............
- الثاني:
................
أن ذنب ارتكاب النهي مصدره في الغالب الشهوة والحاجة ،
وذنب ترك الأمر مصدره في الغالب الكبر والعزة ،
ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ،
ويدخلها من مات على التوحيد وإن زنى وسرق.
- الثالث:
...............
أن فعل المأمور أحب إلى الله من ترك المنهي ،
كما دل على ذلك النصوص كقوله صلى الله عليه وسلم: ( أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها ).
و قوله: ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله ، قال: ذكر الله ) ،
وقوله: ( واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ) وغير ذلك من النصوص.
- الرابع:
............
أن فعل المأمور مقصود لذاته ،
وترك المنهي مقصود لتكميل فعل المأمور ،
فهو منهي عنه كونه يخلّ بفعل المأمور أو يضعفه وينقصه ، كما نبه سبحانه على ذلك في النهي عن الخمر والميسر بكونهما يصدان عن ذكر الله وعن الصلاة.
فالمنهيات قواطع وموانع صاده عن فعل المأمورات أو عن كمالها.
- الخامس:
.............
أن فعل المأمورات من باب حفظ قوة الإيمان وبقائها
وترك المنهيات من باب الحميه عما يشوش قوة الإيمان ويخرجها عن الاعتدال ،
حفظ القوه مقدم على الحميه ، فإن القوه كلما قويت دفعت المواد الفاسدة وإذا ضعفت غلبت المواد الفاسدة.
- السادس:
...................
أن فعل المأمورات حياة القلب وغذاؤه وزينته وسروره ونعيمه ،
وترك المنهيات بدون ذلك لا يحصل له شيئاً من ذلك ،
فلو ترك جميع المنهيات و لم يأتِ بالإيمان والأعمال المأمور بها لم ينفعه ذلك الترك شيئاً.
- السابع:
.............
أن من فعل المأمورات والمنهيات فهو إما ناجٍ مطلقاً إن غلبت حسناته سيئاته ،
وإما ناج ٍ بعد أن يؤخذ منه الحق ويعاقب على سيئاته فمآله إلى النجاة وذلك بفعل المأمور.
- ومن ترك المأمورات والمنهيات فهو هالك غير ناج ٍ ولا ينجو إلا بفعل المأمور وهو التوحيد.
..................
الفوائـــد
ابن القيم الجوزيه