من شعر : بدر شاكر السّيّاب
..................................
الليل يطبق مرة أخرى ، فتشربه المدينه
و العابرون إلى القرارة .. مثل أغنية حزينه
و تفتحت كأزهار الدفلى ، مصابيح الطريق
كعيون " ميدوزا "تحجر كل قلب بالضغينه
كأنها نذرٌ تبشر أهل " بابل " بالحريق
من أي غاب جاء هذا الليل ؟ من أي الكهوف
من أي وجرٍ للذئاب ؟
من أي عشّ في المقابر دفَّ أسفعَ كالغراب ؟
" قابيل " أخفِ دم الجريمة بالأزاهر و الشفوف
وبما تشاء من العطور أو ابتسامات النساء
ومن المتاجر و المقاهي و هي تنبض بالضيّاء
عمياء كالخفاش في و ضح النهار ، هي المدينة ،
و الليلُ زاد لها عماها
و العابرون
الأضلع المتقوسات على المخاوف و الظنون ،
و الأعين التعبى تفتش عن خيالٍ في سواها
و تعدُّ آنية تلألأ في حوانيت الخمور
موتى تخاف من النشور