فـيـمـا ظـهـر مـن الأيـات عـنـد مـولـده
-ومن ذلك ما ظهر من الآيات عند مولده ، وما حكته أمه ومن حضره من العجائب ، وكونه رافعاً رأسه عندما وضعته شاخصاً ببصره إلى السماء ، وما رأته من النور الذي خرج معه ولادته ، وما رأته إذ ذاك أم عثمان بن أبي العاص من تدلي النجوم ، وظهور النور عند ولادته ، حتى ما تنظر إلا النور . وقول الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف : لما سقط فـيـمـا ظـهـر مـن الأيـات عـنـد مـولـده على يدي واستهل سمعت قائلاً يقول : حمك الله ، وأضاء لي ما بين المشرق والمغرب حتى نظرت إلى قصور الروم .
-وما تعرفت به حليمة وزوجها ضِئراه من بركته ، ودرور لبنها له ، ولبن شارفها وخصب غنمه ، و سرعة شبابه وحسن نشأته . وما جرى من العجائب ليلة مولده ، من ارتجاج إيوان كسرى ، وسقوط شرفاته ، وغيض بحيرة طبرية ، وخمود نار فارس ، وكان لها ألف عام لم تخمد . وأنه كان إذا أكل مع عمه أبي طالب وآله وهو صغير شبِعوا و رَوَوْا ، فإذا غاب فأكلوا في غيبته لم يشبعوا .
-وكان سائر ولد أبي طالب يصبحون شعثاً و يصبح فـيـمـا ظـهـر مـن الأيـات عـنـد مـولـده r قيلاً هيناً كحيلاً .
-قالت أم أيمن حاضنته : ما رأيته فـيـمـا ظـهـر مـن الأيـات عـنـد مـولـده شكا جوعاً قطّ ولا عطشاً صغيراً ولا كبيراً .
-ومن ذلك حراسة السماء بالشهب ، وقطع رصد الشياطين ، ومنعهم استراق السمع .
-وما نشأ عليه من بُغض الأصنام ، والعفة عن أمور الجاهلية ، وما خصه الله به من ذلك وحماه حتى في ستره في الخبر المشهور عند بناء الكعبة ، إذ أخذ إزاره ليجعله على عاتقه ، ليحمل عليه الحجارة وتعرى ، فسقط إلى الأرض حتى رد إزاره عليه .
فقال له عمه : ما بالك ؟ فقال : إني قد نهيت عن التعري .
-ومن ذلك إظلال الله له بالغمام في سفره .
-وفي رواية أن خديجة ونساءها رأينه لما قدم ، وما كان يظلانه ، فذكرت ذلك لميسرة ، فأخبرها أنه رأى ذلك منذ خرج معه في سفره .
-وقد روي ان حليمة رأت غمامة تظله ، وهو عندها .
-وروي ذلك عن أخيه من الرضاعة .
-ومن ذلك انه نزل في بعض أسفاره قبل مبعثه تحت شجرة يابسة ، فاعشوشب ما حولها وأينعت هي فأشرقت وتدلت عليه أغضانها بمحضر من رآه .
-وميْل فيء الشجرة إليه في الخبر الآخر حتى أظلته .
-وما ذكر من أنه كان لا ظل لشخصيته في شمس ولا قمر ، لأنه كان نوراً .
وأن الذباب كان لا يقع على جسده ولا ثيابه .
ومن ذلك تحبيب الخلوة إليه حتى أوحي إليه ، ثم إعلامه بموته ودنو أجله ، وأن قبره في المدينة وفي بيته ، وأن بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة ، وتخيير الله له عند موته ، وما اشتمل عليه حديث الوفاة من كراماته ، تشريفه ، وصلاة الملائكة على جسده على ما رويناه في بعضها . و استئذان ملك الموت عليه ، و لم يستأذن على غيره قبله . و نداؤهم الذي سمعوه ألا ينزعوا القميص عنه عند غسله . و ما روي من تعزية الخضر والملائكة أهل بيته عند موته . إلى ما ظهر على أصحابه من كرامته وبركته في حياته وموته ، كاستسقاء عمر بعمه ، وتبرك غير واحد بذريته .