عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده فقال له( لا بأس طهور إن شاء الله ) قال قلت طهور كلا بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم( فنعم إذا )
شرح الحديث
قوله : ( لا بأس ) أي أن المرض يكفر الخطايا ، فإن حصلت العافية فقد حصلت الفائدتان ، وإلا حصل ربح التكفير . وقوله طهور هو خبر مبتدأ محذوف أي هو طهور لك من ذنوبك أي مطهرة ، ويستفاد منه أن لفظ الطهور ليس بمعنى الطاهر فقط ، وقوله إن شاء الله يدل على أن قوله طهور دعاء لا خبر .
قوله : ( قلت ) بفتح التاء على المخاطبة وهو استفهام إنكار .
قوله : ( بل هي ) أي الحمى ، وفي رواية الكشميهني " بل هو " أي المرض .
قوله : ( تفور أو تثور ) شك من الراوي هل قالها بالفاء أو بالمثلثة وهما بمعنى .
قوله : ( تزيره ) بضم أوله من أزاره إذا حمله على الزيارة بغير اختياره .
قوله : ( فنعم إذا ) الفاء فيه معقبة لمحذوف تقديره إذا أبيت فنعم ، أي كان كما ظننت ، قال ابن التين : يحتمل أن يكون ذلك دعاء عليه ويحتمل أن يكون خبرا عما يؤول إليه أمره . وقال غيره يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أنه سيموت من ذلك المرض فدعا له بأن تكون الحمى له طهرة لذنوبه ، ويحتمل أن يكون أعلم بذلك لما أجابه الأعرابي بما أجابه ، وقد تقدم في علامات النبوة أن عند الطبراني من حديث شرحبيل والد عبد الرحمن أن الأعرابي المذكور أصبح ميتا . وأخرجه الدولابي في " الكنى " وابن السكن في " الصحابة " ولفظه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما قضى الله فهو كائن فأصبح الأعرابي ميتا . وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم مرسلا نحوه . قال المهلب : فائدة هذا الحديث أنه لا نقص على الإمام في عيادة مريض من رعيته ولو كان أعرابيا جافيا ولا على العالم في عيادة الجاهل ليعلمه ويذكره بما ينفعه ، ويأمره بالصبر لئلا يتسخط قدر الله فيسخط عليه ، ويسليه عن ألمه بل يغبطه بسقمه ، إلى غير ذلك من جبر خاطره وخاطر أهله . وفيه أنه ينبغي للمريض أن يتلقى الموعظة بالقبول ، ويحسن جواب من يذكره بذلك .