قال تعالى: *هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ* (النحل: ١٠-١١).
تشير هاتان الآيتان الكريمتان إلى نعمة من نعم الله الكبيرة وهي نعمة الماء الذي أخرجه ربنا تبارك وتعالى من داخل الأرض ليمن على أهلها ب ١٤٠٠ مليون كم مكعب من الماء، وهذا الماء إذا بقي راكداً على سطح الأرض لأسن وفسد، لذلك يسخر ربنا تبارك وتعالى طاقة الشمس في تبخير كم من هذا الماء سنوياً يقدر ب ٦٠٠ ألف كم مكعب من أسطح البحار والمحيطات والأنهار والبحيرات ومن نتح النباتات ومن إفرازات الإنسان و الحيوانات.
يترك هذا الماء كل ما كان قد تجمع فيه من الملوثات فيصفو ويطهر، وهذه الدورة للماء حول الأرض تتم بدقة فائقة فيتبخر من أسطح البحار والمحيطات ٥٠٠ ألف كم مربع ومن اليابسة ١٠٠ ألف كم مربع، ولكن عندما يأتي المطر يمن ربنا تبارك وتعالى على أهل اليابسة ب ٣٦ ألف كم مكعب زيادة على ما تبخر منها، فينزل عليها ١٣٦ ألف كم مكعب من ماء المطر، ويُختصر هذا القدر الزائد على ماتبخر من اليابسة من حصة البحار والمحيطات فينزل عليها ربنا تبارك وتعالى ٤٦٤ ألف كم مكعب من الماء، من هنا يتضح أن دورة الماء حول الأرض ثابتة الكمية ولكن يختلف توزيعها زماناً ومكاناً حسب القرار الإلهي بهذا التوزيع، لذلك قال المصطفى ﷺ: "ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله تعالى يصرفه".
وفي ذلك تقول الآيات في سورة النحل: *هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ*.
وهاتان الآيتان تؤكدان أن الذي يُنزل الماء من السماء هو ربنا تبارك وتعالى، ولا سلطان لأحد من خلقه على هذه العملية بأي شكل من الأشكال، لذلك قالت هاتان الآيتان: *ُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ*، تسيمون أي ترعون دوابكم.
وأضافت الآية ١١ قول ربنا تبارك و تعالى: *يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ*، وترتيب هذه الثمار فيه إشارة إلى ما في كل منها من ميزة خاصة فوق بقية الثمرات.
د / زغلـــول النجـــار
[b][/b]