الحب الحقيقي
........................................
بالمحبة أقبلت قوافل المحبين ، وتسابقت أقدام العاشقين ، وتنافست فلول الهائمين ،
المحبة حياةٌ من فقدها فهو ميت ، ونورٌ من فقده فهو في ظلام دامس ، وليل حالك ..
إن المحبة نار في القلب تحرق ما سوى مراد المحبوب، فلا يبقى إلا مراده ، ولا يقوم إلا مطلوبه ،
ولا يمتثل إلا أمره ، إنه الشوق الدائم إلى لقاء المحبوب والحياة على أمل الفوز به ،
(( والظفر برؤية وجهه الكريم )) ولذلك صدق المحب في حبه ،
وأخلص في إرادته ، ووحد المحبوب في وجهته ليظفر منه بمحبته ، والفوز بجيرته .
يسمع المحبون منادي الحبيب ( حي على الفلاح ) فيهجرون الفرش ، ويطردون الكرى ،
ويمتطون الأقدام في وهج الشمس أو لوعة البرد ، وكأنما يمشون على الحرير ،
ويطرق أسماعهم ( حي على الكفاح ) فيبذلون المهج ، ويقدمون الأرواح ، ويزهقون الأنفس ، ويهريقون الدماء ،
ويتلى عليهم { وأنفقوا مما رزقناكم } فيتسابقون بالغالي والنفيس ، ويبذلون من أعز ما يملكون ، وأفضل ما يحبون ، ويعطون عطاء من لا يخشى الفقر .
ويرتل عليهم { ولله على الناس حج البيت } فيقبلون من كل فج عميق ، وواد سحيق ، شعثا غبرا خماص البطون ، ظمأى الأفئدة .
( الله أهل الثناء والمجد للشيخ : ناصر الزهراني) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ولا ريب أن محبة المؤمنين لربهم أعظم المحبات وكذلك محبة الله لهم هي محبة عظيمة جدًا ..
كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم -
قال : ( يقول الله تعالى من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه
ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به
ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه ).
........................