وَصِيَّة ُأعْرابِيَّةٍ لابْنَها وَقَدْ أزْمَعَ السَّفَرِ..
عَنِ الأصْمَعِيّ قالَ :
(سَمِعْتُ أعْرابِيَّة ً تُوصِي ابْنَها وَقَدْ أرادَ سَفَراً ، فقالَتْ لَهُ :
"يَا بُنَيَّ ، احفَظ ْوَصِيَّتِي ، وَمحِّضْ نَصِيْحَتِي ، وَأنا أسْالُ اللهَ تَوْفِيْقَهُ لَكَ ؛ فإنَّ قَلِيْلَ
تَوْفِيْقِهِ لَكَ أجْدَى عَلَيْكَ منْ كَثِيْر ِنُصْحِي .
يَا بُنَيَّ ، أوصِيْكَ بِتَقْوَى اللهِ ، وَإيَّاكَ وَالنَّمائِمَ ؛ فإنَّها تَزْرَعُ الضَّغائِنَ ، وَتُنْبِتُ
الشَّحائِنِ ، وَتُفَرِّقُ بَيْنَ المُحِبِّيْنَ .
يَا بُنَيَّ ، إيَّاكَ وَالبُخْلَ بِمالِكَ ، وَالجُودَ بِعِرْضِكَ ، وَالبَذلِ لِدِيْنِكَ، بلْ كُنْ بِمالِكَ جَوَّاداً
، وِلِعِرْضِكَ صائِناً ، وَلِدِيْنِكَ مُوقِياً .
يَا بُنَيَّ ، إذا هُزِزْتَ فاهْتَزّ، وَإذا هَزَزَتَ فاهْزُزْ كَرِيْماً ؛ فإنَّكَ تَجِدُ طِيْبَ مَهَزَّتِهِ ، وَلا
تَهْزُزْ لَئِيْماً ؛ فإنَّهُ صَخْرَة ٌلا يَنْفَجِرُ ماؤها .
يَا بُنَيَّ ، مَثِّلْ لِنَفْسِكَ ما تَسْتَحْسِنُهُ مِنْ غَيْرِكَ مِثالاً ، ثُمَّ اتَّخِذْهُ إماماً ، وَانْظُرْ إلَى ما
كَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ فاجْتَنِبْهُ وَدَعْهُ .. وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ ، أنَّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الحَياءِ وَالسَّخاءِ ؛
فقَدِ اسْتَجادَ الحُلَّة إزارَها وَرِداءَها "..
ثُمَّ أنْشأتْ تَقُولُ :
"صافِ الكِـرامَ وَكًنْ لِعِرْضِكَ صـائِناً
------------ وَاعْلَمْ بأنَّ أخا الحِفاظِ أخُوكَ
النَّاسُ ما اسْتَغْنَيْتَ عَنْهُم أنْتَ أخُوهُم
------------ فإذا افْتَقَرْتَ إلَيْهِم رَفَضُوك َ")
انْظُرْ:
(البَيْهَقِي فِي"شُّعَب الإيمان"،وَأبو عليٍّ القالِي فِي"الأمالِي"،
وَالجَاحِظُ فِي"البَيان وَالتَّبْيينِ"، وَابنً الجَوزِي فِي"صِفَةِ الصَّفْوَةِ",
والزَّمَخْشَرِيّ فِي"رَبِيْع الأبْرار وَنُصُوص الأخْيار" .