الرياء ُ
شِرْك السَّرَائِرِ
جُبِلَتِ النَّفْسُ الإنْسانِيَّة ُعلى حُبِّ المَدْح ِوالثَّناءِ ، ورُؤيَةِ الإعجابِ بها والتَّعْظِيْم ِلَها
في أعْيُن ِالنَّاس ِ.. وهذا يُوقِعُها في الرِّياءِ ..
والرِّياءُ هو طلَبُ الجاهِ والمَنْزلَةِ في نِفوس ِالنَّاس ِبإظْهارِ الالْتِزام ِ بأعْمالِ الخَيْر ِمِنْ
عِباداتٍ أوْ غَيْرِها ، أوْ بِما يَدُلُّ عَلَيْها مِنَ الآثارِ، رِياءً وسُمْعَة ًللوصُولِ إلَى هَدَفٍ
دُنْيَويّ ؛ ألا وهُو حُبِّ المَدْح ِوالثَّناءِ ، ولَيْسَ إرْضاء اللهِ جَلَّ في عُلاهُ ..
قالَ ابنْ مَنْظُور:
( قالَ أبو مَنْصور: وأمَّا قَوْلُ اللهِ عَزّ َوَجَلَّ : { يُرَاءُونَ النَّاسَ } ..
و قَوْلُهُ : { يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } مَعْناهُ :
إذا أبْصَرَهُم النًّاسُ صَلُّوا، وإذا لمْ يَرَوْهُم تَرَكُوا الصَّلاة َ..
ومِنْ هَذا قَوْلُ اللهِ عَزّ َوَجَلَّ : { بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ } .
فاحْذرْ- رَعاكَ الله ُ- أنْ تَكُونَ مُرائِياً ، فالرِّياءُ إِشْرَاكٌ بِاللَّهِ ..
يُرْوَى عَن ِالصَّحابِيّ الجَلِيْل ِشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ - رَضِي اللهُ عَنْهُ - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
« إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ يَعْبُدُونَ
شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا وَثَنًا ، وَلَكِنْ أَعْمَالًا لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَشَهْوَةً خَفِيَّةً » .
رَواهُ ابنُ ماجَة فِي السُّنَن .
وقدْ سَمَّى رَسُولُنا الكَريْمُ هَذا الشِّرْكَ بـــ :
(1) الشِّرْك الْخَفِيّ ..
--------------------
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِي اللهُ عَنْهُ - ، قَالَ :
خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ، فَقَالَ :
« أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ؟ »
قَالَ : قُلْنَا : بَلَى .
فَقَالَ :
« الشِّرْكُ الْخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى » .
رَواهُ ابنُ ماجَة ، وحَسَّنَهُ الألْبانِيّ في " صَحِيْحِ ِالتَّرْغِيْبِ والتَّرْهِيْبِ " .
(2) شِرْك السَّرَائِرِ..
-------------------
عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ،عَنْ
مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، قَالَ :
خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَالَ :
« أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ »
قَالُوا :
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ ؟
قَالَ :
« يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ ،
فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ » .
رَواهُ ابنُ خُزَيْمَة ، وابنُ أبي شَيْبَة َ، وحَسَّنَهُ الألْبانِيّ في "صَحِيْحِ التَّرْغِيْبِ
والتَّرْهِيْبِ " .
(3) الشِّرْك الأَصْغَر ..
---------------------
عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ مَحْمُودِ
بْنِ لَبِيدٍ ، أَنّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، قَالَ :
« إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكَ الأَصْغَرَ »
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ ؟
قَالَ :
« الرِّيَاءُ ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ :
اذْهَبُوا عَلَى الَّذِينَ كُنْتُم تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا ، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً » .
رَواهُ الإمامُ أحْمَدُ ، والطَّبَرانِيُّ في مُعْجَمِهِ الكَبِيْر ِ.
والرِّياءُ يُحْبِط ُثوابَ الأعْمال ِالصَّالِحَةِ والعِباداتِ ، فلا يَجْتَمِعُ الثَّوابُ والرِّياءُ ..
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رَضِي اللهُ عَنْهُ - ، قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَالَ :
أَرَأَيْتَ رَجُلا غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« لا شَيْءَ لَهُ » فَأَعَادَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ
يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لا شَيْءَ لَهُ ..
ثُمَّ قَالَ :
إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ " .
رَواهُ النَّسائِي في " السُّنَن الكُبْرَى " .
عَنْ عَمْرٍو َنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ، فَقَالَ :
الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ ، فَمَنْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ ؟
قَالَ :
« مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » .
رَواهُ البخاري في صَحِيْحِهِ .
كَما أنَّ الرِّياءَ مِنْ علاماتِ أخِرِ الزَّمان ..
عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
« إِذَا كَانَ آخَرُ الزَّمَانِ صَارَتْ أُمَّتِي ثَلاثَ فِرَقٍ :
فِرْقَةٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ خَالِصًا ، وَفِرْقَةٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ رِيَاءً ، وَفِرْقَةٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ يَسْتَأْكِلُونَ
بِهِ النَّاسَ ، فَإِذَا جَمَعَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ لِلَّذِي يَسْتَأْكِلُ النَّاسَ :
بِعِزَّتِي وَجَلالِي ، وَمَا أَرَدْتَ بِعِبَادَتِي ؟
قَالَ :
وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ أَسْتَأْكِلُ بِهِ النَّاسَ .
قَالَ :
لَمْ يَنْفَعْكَ مَا جَمَعْتَ شَيْئًا تَلْجَأُ إِلَيْهِ ، انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى النَّارِ .
ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي كَانَ يَعْبُدُهُ رِيَاءً :
بِعِزَّتِي وَجَلالِي مَا أَرَدْتَ بِعِبَادَتِي ؟
قَالَ :
بِعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ رِيَاءَ النَّاسِ .
قَالَ :
لَمْ يَصْعَدْ إِلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ ، انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى النَّارِ .
ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِي كَانَ يَعْبُدُهُ خَالِصًا :
بِعِزَّتِي وَجَلالِي مَا أَرَدْتَ بِعِبَادَتِي ؟
قَالَ :
بِعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي أَرَدْتُ بِهِ ذِكْرَكَ وَوَجْهَكَ .
قَالَ :
صَدَقَ عَبْدِي ، انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ » .
رَواهُ الطَّبَرانِيُّ في " المُعْجَمِ الأوْسَط " .
فجاهِدوا – عِبادَ اللهِ – أنْفُسَكَم واحْذَروا شِرْكَ السَّرَائِرِ، الشِّرْكَ الأَصْغَرَ، الشِّرْكَ
الخَفِيّ ، وادْعُوا الله مُخْلصِيْن أنْ يُعِيْذَنا – وإيَّاكُم -مِنْ أنْ نُشْرِك َبهِ شَيْئاً نعْلَمُهُ ،
ونَسْتَغْفِرُهُ مِمَّا لا نَعْلِمُهُ ..
وصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى المَبْعُوثِ رَحْمَة َللعالمين نَبيِّنا الهادي المُصْطَفَى الأمِيْنِ مُحَمَّدٍ
بن ِعَبْدِ اللهِ ، وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أجْمَعِين ، والتَّابِعِيْن بإحْسانٍ إلى يَوْم ِالدِّيْن ِ .