الطيب الشنهورى مدير المنتدي
عدد المساهمات : 10439 تاريخ التسجيل : 06/10/2011
| موضوع: مَدْخَلُ إِلَى عِلْمِ التَّصْرِيـفِ الثلاثاء نوفمبر 29, 2016 7:03 am | |
| مَدْخَلُ إِلَى عِلْمِ التَّصْرِيـفِ * التَّصْرِيْفُ فِي اللُّغَـةِ : يُطْلَقُ لَفْظُ (الصَّرْف) أو(التَّصْرِيف) للدَّلالَةِ علي مَعْنَي وَاحِدٍ ؛ فَالتَّصْرِيْفُ هُو الصَّرْفُ, وذلك عند التكثير, والصَّرْفُ: هُوَ رَدُّ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ؛ أَيْ: رَدُّ الشَّيْءِ مِنْ حَالٍ إِلَي حَالٍ, ويُقَالُ: صَرَفَهُ يَصْرِفُهُ صَرْفًا, وَصَرَّفَ الشَّيْءَ؛ أَعْمَلَـهُ فِي وَجْهِهِ, كَأَنَّهُ يًصْرِفُهُ مِنْ وَجْهٍ إِلَي وَجْهٍ(1). والصَّرْفُ أو التَّصْرِيْفُ : هو كَصَرْفِ النُّقُـوْدِ ؛ أَيْ : تَغْيِيْرِهَا , والصَّرْفُ بِمَعْنَي إِخْلاءِ السَّبِيْلِ , وَصَرْفُ القُلُوْبِ : تَحْوِيْلُهَا عَنْ الهَدَايَةِ , وَتَصْرِيْفُ الآَيَاتِ بِمَعْنَي : تَبْيِيْنِهَا , وَتَصْرِيْفُ الرِّيَاحِ وَالسُّحُبِ بِمَعْنَي : تَغْيِيْرِهَا وَتَحْوِيْلِهَا مِنْ جِهَةٍ إِلَي جِهَةٍ . وَلَقَدْ وَرَدَتِ كَلِمَتَا (صَرْف ٍ, وَتَصْرِيْفٍ) فِي القُرْآَنِ الكَرِيْمِ عَلَي هَيْئَةِ المَصْدَرِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي: فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً [الفرقان:19] , وَقوْلِهِ تَعَاَلي وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [البقرة:164] ، وجاء ماضي الفعلِ (صَرَفَ) في قوله تعالي صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [التوبة: 127], وفي قولـه تعالي: فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ [يوسف:34] ، وفي آياتٍ أُخْـرى وَرَدَ الفِعْلُ (صَرَّفَ) مُشَدَّدَ الرَّاءِ كمـا في قولـه تعالي : وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا [الإسراء:41] . وكَذَلِكَ وَرَدَ مُضَارِعُهُ فِي أَكْثَرِ مِنْ آَيَةٍ كَرِيْمَةٍ ؛ منها قوله تعالي : كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ [الأعراف:58] . والصَّرْفُ فِي الأَصْلِ : مَصْدَرُ (صَرَفَ) مِنْ بَابِ (ضَرَبَ) ، والتَّصْرِيْفُ : مُشْتَقٌّ مِنْ الصَّرْفِ لِلْمُبَالَغَةِ وَالكَثْرَةِ , وَأَصْلُ هَذَا المَصْدَرِ : صَرَّفَ (بِتَشْدِيْدِ الرَّاءِ), وَيَجِبُ اشْتِمَالُ المَصْدَرِ عَلَي جَمِيْعِ حُرُوْفِ فِعْلِهِ ؛ فَأُبْدِلَتْ الرَّاءُ الثَّانِيَةُ (يَاءً) مِنْ جِنْسِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا, وفِي صِيْغَةِ التَّكْثِيْرِ ( التَّصْرِيْفِ ) إِشَارَةٌ إِلَي أَنَّ فِي هَـذَا العِلْمِ تَصَرُّفَاتٍ كَثِيْرَةٍ وَتَغْيِيْرَاتٍ ؛ تَأْتِي لِمَعَانٍ مَقْصُوْدَةٍ. وَيَدُوْرُ المَعْنَي اللُّغَوِيُّ لِلْصَرْفِ أَوْ التَّصْرِيْفِ حَوْلَ مَعْنَي التَّغْيِيْرِ وَالتَّبْدِيْلِ وَعَدَمِ الثَّبَاتِ عَلَي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ(2). * التَّصْرِيْفُ فِي الاصْطِلاحِ : [هُـوَ العِلْـمُ الَّذِي يَخْتَصُّ بِدِرَاسَةِ الكَلِمَةِ المُفْرَدَةِ , مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مُسْتَقِلَّةً مُنْفَـرِدَةً] . ولقد قَدَّمَ كثيرٌ مِنْ العُلَمَاءِ وَالصَّرْفِيُّينَ تَعْرِيْفًا له ؛ منهم علي سَبِيْلِ التَّمْثِيْلِ لا الحَصْرِ: (1) التَّصْرِيْفُ عِنْدَ ابْنِ جِنِّي: (ت 392هـ) :"هو أَنْ تَأْتِي إِلَي الحُرُوْفِ الأُصُوْلِ , فَتَتَصَرَّفَ فِيْهَا بِزِيَادَةِ حَرْفٍ أَوْ تَحْرِيْفٍ بِضَـرْبٍ مِنْ ضُرُوْبِ التَّغْيِيْرِ , فَذَلِكَ هُوَ التَّصْرِيْفُ وَالتَّصْرِيْفُ لَهَا"(3). (2) التَّصْرِيْفُ عِنْدَ ابْنِ الحَاجِبِ (ت 646 هـ):" هُوَ عِلْمٌ بِأُصُوْلٍ تُعْرَفُ بِهَا أَحْوَالَ أَبْنِيَةِ الكَلِمِ الَّتِي لَيْسَتْ بِإِعْرَابٍ"(4), ويَقُوْلُ عنه أيضًا:"والمُتًأَخِّرُوْنَ عَلَي أَنَّ التَّصْرِيْفَ : عِلْمٌ بِأَبْنِيَةِ الكَلِمِ , وَبِمَا يَكُوْنُ لِحُرُوْفِهَا مِنْ أَصَالَةٍ وَزِيَادَةٍ وَحَذْفٍ وَصِحَّةٍ وَإِعْلالٍ وَإدْغَامٍ وَإِحَالَةٍ ..."(5). (3) التَّصْرِيْفُ عِنْدَ ابْنِ مَالِكٍ (ت672هـ):"هُوَ تَحْوِيْلُ الكَلِمَةِ مِنْ بِنْيَةٍ إِلَي غَيْرِهَا لِغَرَضٍ لَفْظِيٍّ أَوْ مَعْنَوِيٍّ , وَلا يَلِيْقُ إِلا بِمُشْتَقٍّ أَوْ بِمَا هُوَ جِنْسُ مُشْتَقٍّ(6). وعليه فإنَّ (التَّصْرِيْفَ):"عِلْمٌ يَتعَلَّقُ بِبِنْيَةِ الكَلِمَةِ ومَا لِحُرُوْفِهَا مِنْ أَصَالَةٍ وَزِيَادَةٍ وَصِحَّةٍ وَاعْتِلالٍ,وَشِبْهِ ذَلِكَ, وَمُتَعَلِّقَةٌ مِنْ الكَلِمِ, والأَسْمَاءِ المُتَمَكِّنَةِ وَالأَفْعَالِ المُتَصَرِّفَةِ, وَلَهَا الأَصَالَةُ فِيْهِ"(7). (4) التَّصْرِيْفُ عِنْدَ حَاجِي خَلِيْفَة (ت 1067هـ):" هُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ مِنْهُ أَنْوَاعُ المُفْرَدَاتِ المَوْضُوْعَةِ بِالْوَضْعِ النَّوْعِيِّ, وَمَدْلُوْلاَتِهَا, وَالهَيْئَاتُ الأَصْلِيَّةُ العَامَّةُ لِلْمُفْـرَدَاتِ, وَالهَيْئَاتُ التَّعْبِيْرِيَّةُ, وَكَيْفِيَّةُ تَغْيِيْرَاتِهَا عَنْ هَيْئَاتِهَا الأَصْلِيَّةِ, عَلَي الوَجْهِ الكُلِّيِّ بِالْمَقَايِيْسِ الكُلِّيَّةِ"(, ويقولُ أيضًا:"هُوَ عِلْمٌ يَبْحَثُ عَنْ الأَعْرَاضِ الذَّاتِيَّةِ لِمُفْرَدَاتِ كَلامَ العَرَبِ مِنْ حَيْثُ صُوَرِهَا وَهَيْئَاتِهَا ؛ كَالإعْلالِ والإدْغَامِ؛أَيْ: المُفْرَدَاتُ المَوْضُوْعَةُ بَالْوَضْعِ النَّوْعِيِّ , ومَدَلُوْلاتِهَا , والهَيْئَاتُ الأصْلِيَّةُ العَامَّةُ لِلْمُفْرَدَاتِ ، والهَيْئَاتُ التَّعْبِيْرِيَّةُ ؛ كَبَيَانِ المُعْتَلاَّتِ قَبْلَ الإِعْلاَلِ وَبَعْدَ الإِعْلاَلِ , وَكَيْفِيَّةِ تَغْيْيِرِهَا عَنْ هَيْئَاتِهَا الأَصْلِيَّةِ عَلَي الوَجْهِ الكُلِّيِّ بِالمَقَايِيْسِ الكُلِّيَّةِ ؛ كَصِيَغِ المَاضَي وَالمُضَارِعِ ومَعَانِيْهَا ومَدْلُوْلاتِهَا" . ومن المهمِّ أنْ نعرفَ : * أنَّ مَوْضُوْعَ عِلْمِ الصَّرْفِ : الصِّيَغُ المَخْصُوْصَةُ مِنْ الحَيْثَيَّةِ المَذْكُوْرَةِ . * وأنَّ غَرَضَ عِلْمِ الصَّرْفِ : تَحْصِيْلُ مَلَكَةٍ يُعْرَفُ بِهَا مَا ذُكِرَ مِنْ الأَحْوَالِ . * وأنَّ غَايَةَ عِلْمِ الصَّرْفِ : الاحْتِرَازُ مِنْ الخَطَأِ مِنْ تِلْكَ الجِهَاتِ . * وأنَّ مَبَادِئَ عِلْمِ الصَّرْفِ : مُقَدِّمَاتٌ مُسْتَنْبَطَةٌ مِنْ تَتَبُّعِ اسْتِعْمَالِ العَرَبِ(9) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحواشي: (1) يُنظر : اللسان مادة (صرف) . (2) يُنظر: تصريف الأفعال لعبد الرحمن شاهين , ط مكتبة الشباب , القاهرة سنة 1984م, (ص 5) , والصرف الوافي لأحمد عبد الدايم , ط 4 , دار الثقافة العربية بالقاهرة (1/ 9). (3) التصريف الملوكي(ص2) , ينظر : شرح ابن عقيل (2/592) . (4) شرح الشافية (1/1) . (5) شرح الشافية : (1/7) . (6) شرح كافية ابن مالك (ص3) , وبُغية الوُعَاةِ (1/130ـ 137 ) , الأعلام (6/233) . (7) التَّسهيل (ص290) . ( كشف الظُّنون : (2/78) . (9) السابق (2/88) , وشذا العرف (ص12) , ط مكتبة الآداب , القاهرة سنة 1999م . ***** | |
|