في تَرجمته لسيره الإمام الجَليل العالم المحدث ومُجدد المائة الهِجرية السَابعة التَقي مُحمد بن علي بن وَهب، المَعروف بابن دقيق العيد ، يَقول المؤرخ كمال الدين الإدفوي : كان سَبب تَسمية جَده الأكبر بدَقيق العِيد لأنه كان يَخرج في صَباح كُل عيد مُرتدياً على رأسه طِيلسانًا ناصعُ البَياض ، فشبَّهه العامة آنذاك بدَقيق العيد لشِدة بياضه .
تَولى إبن دقيق العيد مَنصب القضاء عِدة مرات و ذاق مِنه حُلوّه و مُرّه و في كُل مَرة كان يَعزل نَفسه ، و في إحدى المَرات طَلبه السُلطان المَنصور حُسام الدين لاجين ليُعيده إلى مَنصبه ، فلما أقبل عَليه الإمام قام السُلطان و وَقف له احتراماً و هو يَمشي مُتلكأً رويداً رويداً فَصاح مَن حَوله و قالوا له : السُلطان واقف !! فأجابهم بالقوول : أديني أمشي، ثُم جلس مَعه على نَفس المَنزلة حتى لا يُصبح دُونه و عّندها قَّبل السُلطان يدَه ، فقال لــه : تَنتفـع بِهذا !
هكذا كان عهدُنا بعُلماء المُسلمين ، وما رِفْعَة وعُلّو الأُمم إلا مِن هَيبة و جَلال عُلمائها - فأين صِرنا !
___________________________________________
كمال الدين الإدفوي | الطالعُ السَعيد الجامعُ أسماء نُجباء الصَعيد - ص 435 & 582
ابن حَجر العَسقلاني | الدُررُ الكَامِنة في أعيانِ المائةِ الثامِنة " ج 4 - ص 94 " .