(( جاء أن ملك الروم قال لعبد الله بن حذافة – وهو أحد الصحابة – لما أسر : تنصّر ! وهدده بالقتل بإلقائه في بقرة ( إناء كبير مصنوع من نحاس ) ، فأبى الصحابي الجليل ، فأراد ملك الروم أن يعطي ابن حذافة درسا عمليا على عقاب الممتنع ، فدعا بالبقرة ، فملئت زيتا وأغليت ، ودعا برجل من أسرى المسلمين ، فعرض عليه النصرانية ، فأبى ، فألقاه في البقرة ، فإذا عظامه تلوح .
والتفت ملك الروم لعبد الله بن حذافة ، وقال له : تنصّر وإلا ألقيتك . فأبى الصحابي الجليل ، فأمر به أن يلقى ، فبكى عبدالله ، فقيل له : قد جزع ، قد بكى . قال ملك الروم : ردوه . فلما ردوه ، قال الصحابي الجليل : لا ترى أني بكيت جزعا مما تريد أن تصنع بي ، ولكني بكيت حيث ليس لي إلا نفس واحدة يفعل بها هذا في الله ، كنت أحب أن يكون لي من الأنفس عدد كل شعرة فيّ ، ثم تسلط علي فتفعل بي هذا .
فأعجب ملك الروم بهذه النفس الأبية ، وأحب أن يطلقه ، فقال : قبل رأسي وأطلقك . فأبى عبدالله بن حذافة ، فقال ملك الروم : قبل رأسي وأطلق معك ثمانين من المسلمين . قال عبدالله : أما هذه فنعم . فقبل رأسه ، وأطلقه وأطلق معه ثمانين من المسلمين .
فلما قدموا على عمر بن الخطاب – وكان خليفة للمسلمين - ، قام فقبل رأس عبد الله ، وقال : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبدالله بن حذافة ، وأنا أبدأ . وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمازحون عبد الله ، فيقولون : قبلت رأس علج . فيقول لهم : أطلق الله بتلك القبلة ثمانين من المسلمين )) .