أغرب القرارت التي اتخذت على مدار التاريخ وصدرت من الحاكم بأمر الله العبيدي
في عهد الدولة العبيدية المسماة زورا بالفاطمية
وفي سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، في رابع عشري المحرم قرئ سجل من الحاكم بمنع الملوخية والمتوكلية والترمس والدليس وعمل الفقاع، وعن ذبح البقر، وألا يدخل أحداً المنبر إلا بمئزر ولا تكشف امرأة عن وجهها في طريق ولا خلف جنازة، وألا يباع من السمك ما ليس له قشر، وفي رابع صفر منها كتب على المساجد بسب الصحابة رضي الله عنهم، وعلى حيطان الشوارع والقياسر، ثم نهى عن ذلك سبع وتسعين، وأمر اليهود والنصارى إلا الحبابرة بلبس السواد، وأن يحمل النصارى الصلبان على أعناقهم، وأن يكون طول الصليب ذراعاً وزنته عشرة أرطال، وعلى أعناق اليهود قوامي الخشب والجلاجل، وألا يركبوا شيئاً من المراكب المحلاة، وأن يكون ركبهم من الخشب وألا يستخدموا أحداً من المسلمين ولا يركبوا حماراً لمكار مسلم.
وفي سابع عشر صفر منها نودي بالقاهرة ألا يخرج أحد بعد العشاء إلى الطريق ولا يظهر بها.
وفي سادس عشر شهر ربيع الآخر منها أمر بقتل الكلاب فقتلت عن آخرها.
وفي تاسع عشر جمادى الآخرة فتحت دار بالقاهرة وسميت دار الحكمة، وجلس فيها الفقهاء وحملت إليها الكتب من خزائن القصور، ونسخ الناس من الكتب ما اختاروه، وجلس فيها القراء والفقهاء والنحاة واللغويون، والأطباء والمنجمون، بعد أن فرشت وزخرفت، وعلقت الستور، على جميع أبوابها وممراتها، وجعل لها قوام وخدام، وحصل في هذه الدار من الكتب والخطوط المنسوبة ما لم ير مثله، وأجريت بها الأرزاق، وفي هذه الشهر منع الناس من العبور إلى القاهرة ركاباً مع المكارية، ومنع من الجلوس على باب الزهومة إلى أقصى الباب المعروف بباب الزمرد.
وفي سنة ست وتسعين وثلاثمائة، ركب الحاكم في موكبه ومعه أرباب دولته فمر على الموضع الذي يباع فيه الأحطاب وقد تراكمت الأحطاب فيه بعضها على بعض، فوقف وأمر أن تؤجج النار في بعضها، ثم أمر بقاضي القضاة بمصر، وهو الحسين بن النعمان، فأنزل عن دابته ورمي به في تلك النار حتى هلك، ولم يتقدم له مقدمة توجب ذلك، ثم مرّ كأن لم يصنع شيئاً.